(1 )
مبادرة حمدوك في الثلاثاء الماضية كانت بمثابة حجر في بركة هائجة اصلا ولكن رغم ذلك احدثت اثرا فحمدوك قال ان الثوب السياسي الذي تستتر به البلاد اصبح مثل شملة ود كنيش (ثلاثية وقدها رباعي) فالعلاقة بين المدنيين والعسكريين في الحكم مش ولابد والخلافات بين المدنيين متفاقمة والخلافات داخل المكون العسكري لاتخطئها العين . ولتلافي هذا الواقع المخيف تركت قوى الحرية والتغيير المكابرة بان الامور عال العال وان ما يحدث فرفرة فلول ودولة عميقة فاستشعرت الوضع الحرج الذي اعترفت به المبادرة فلجأت للجبهة الثورية والتي كانت تعتبرها (ضرة) وكونت معها جبهة لحماية الفترة الانتقالية وان شئت الدقة لحماية الحكومة واقترب منهما حزب الامة الذي كان فارزا عيشته . اما المكون العسكري والذي تتسيده القوات المسلحة ورديفها الدعم السريع فقد كانت ردة فعله لما قاله حمدوك اسرع من اي تصور ففي صبيحة اليوم التالي للمبادرة اي الاربعاء اجتمعت القيادة العليا للطرفين بكبار الضباط واعلنوا انهم مكون متماسك بل متوحد وتحت قيادة واحدة لا بل صدر من الاجتماع غمز في قناة المبادرة بانهم يرفضون اي اشاعة او تشكيك بالقول ان هناك خلافا بينهما.
(2 )
في تقديري ان اي لملمة للشتات السياسي تعتبر عملا ايجابيا فليس هناك اسوأ من التشرذم واللعب الفردي وكلما كانت هناك تكتلات وتحالفات جديدة يعني ان هناك تنازلات فاي تحالف يعني تنازل من مكوناته للعمل سويا من أجل أهداف مجمع عليها وهنا على حمدوك ومن يقف معه على منصة المبادرة ان يعتبروا ما حدث رد فعل إيجابي للمبادرة بغض النظر عن توصيفهم للواقع في المبادرة بعبارة اخرى يجب ان يرحبوا بوحدة المكون العسكري لانها صمام امان لامن البلاد بغض النظر عما جاء في المبادرة عن الخلافات بعبارة ثالثة ليس من الحكمة التوجه لاثبات ما جاء في المبادرة بان العلاقة بين القادة في الطرفين كانت مقطوعة وان متاريس القيادة كانت موجهة للدعم السريع فطالما انهما الآن اعلنا عدم وجود خلاف بينهما وعلى رؤوس الاشهاد فلنمضي بذلك الى الامام ولتتوحد الجبهة المدنية ومن ثم يتجه العمل الى ايجاد الصيغة العسكرية \ المدنية المناسبة لتكملة الفترة الانتقالية طالما انه ثبت الان بما لايدعو مجالا للشك انها الصيغة المناسبة لابل الوحيدة للعبور بالبلاد.
(3 )
من آثار المبادرة المهمة اجتماع الحكومة ممثلة في مجلس الوزراء اجتماعا مغلقا ولمدة ثلاثة ايام متتالية بقصد تحويل المبادرة الى خطة عمل واللافت استصحاب الوكلاء في الاجتماع المشار اليه فهم قادة العمل المدني في الدولة مما يشي بان الاجتماع المشار إليه عن الفاعلية وليس اجتماعا سياسيا فالسياسة في هذه البلاد اصبحت موزعة في جخانين ودهاليز ما انزل الله بها من سلطان . وقد ظهر الدخان الابيض للاجتماع في شكل قرارات اقتصادية تتعلق بمعاش الناس وقرارات سياسية تتعلق باستكمال المؤسسات الانتقالية من عدلية وتشريعية ولاول مرة تأتي سيرة الانتخابات في قرارات الحكومة فالواضح ان الحكومة لا بل حمدوك نفسه قد استجاب لتحدي المبادرة بدليل انه قد استخدم ولاول مرة مفردة شعبية وهي كلمة (المحركة) وهي تعني عدم المراوحة للمكان وكان ذلك في سياق تاخر تكوين الجهاز التشريعي ولكن من السياق العام اتضح ان المحركة كانت في كل شيء مما اضاع رحيق الثورة فكأنما المبادرة جاءت للخروج من المحركة.