تحليل سياسي- إعلام الفلول و .. إعلام الحلول !- محمد لطيف

واحدة من اعقد القضايا التى تواجه الحكومة الإنتقالية .. مسألة التعاطي مع الإعلام ..وليست الحكومة الإنتقالية ذلك الجهاز التنفيذي .. الذى يواجه مدفع الرأي العام فحسب .. بل الحقيقة التى يجب الاعتراف بها هي أن كل مهام الانتقال باتت مهددة بفعل التعقيدات التى تعتور المشهد الإعلامي .. وحين نتحدث عن مهام الانتقال .. فهي تمثل .. في الواقع أهداف التغيير .. الذي فرضته ثورة ديسمبر .. فالذي يجب إدراكه أن التغيير لم يكن نزهة .. وأن إسقاط نظام الإنقاذ لم يكن هو الهدف النهائي والاستراتيجي للثورة .. بل إن إزالة نظام الإنقاذ كان ضرورة لفتح الطريق .. أمام تحقيق أحلام وطموحات الشعب السوداني .. في الحرية والعدالة والسلام .. ومهام الانتقال هذه .. هي عين ما يفترض أن ينشغل به .. ويشتغل عليه الإعلام المعني بهذا التغيير .. و هو دور ليس مطلوبا من أي إعلام ..!
فما أسميناه بإعلام الفلول .. وهو الإعلام المناهض للتغيير .. وليس المعارض للحكومة .. والبون بين الإثنين شاسع وبعيد .. فالأخير يرى أنه إنما يدعم التغيير بمراقبة أداء الحكومة .. وتسليط الأضواء الكاشفة على أنشطتها .. وتوجيه النقد الموضوعي .. ومحاصرة إخفاقاتها .. وهذا أمر صحي ومطلوب .. على الحكومة أن تشجعه وتدعمه وليس العكس .. أما الإعلام المناهض للتغيير .. فهو يرى التغيير نفسه باطلا .. وبالتالي فكل ما بني على باطل فهو باطل .. ويشمل هذا البطلان .. كل أهداف الفترة الانتقالية ومهامها ومؤسساتها ورموزها .. وإعلام بهذا المفهوم .. لا تنتظر منه نقدا موضوعيا قط .. بل سيكون غير الموضوعي .. أن يمارس الإعلام المناهض للتغيير .. نقدا موضوعا وهادفا تجاه هذا التغيير .. !
غير أن أسوأ ما يفعله هذا الإعلام المناهض .. فهو إباحة كل شيء في سبيل الوصول لأهدافه .. أو بالأحرى هدفه .. وهو هدف واحد ومقدس .. إعادة تمكين ( الجماعة ) في السودان .. وفي سبيل ذلك لا يتردد القوم في تأليف الروايات واختلاق الأكاذيب والاغتيال المعنوي للشخصيات .. ومسألة الكذب هذه ليست جديدة على كل حال .. فالكاتب الإسلامي المعروف إسحاق احمد فضل الله .. أقر بنفسه أنه يمارس الكذب والتضليل على الرأي العام .. بحجة أنها من ضرورات حماية الدولة الإسلامية .. ولن نجادل هنا حول مدى إسلامية تلك الدولة من عدمها .. فقط دعونا في تأمل الفكرة نفسها ..! اسحق يستند في فتواه تلك على واقعة واحدة .. جوزت للمسلمين الكذب لتضليل العدو في زمن الحرب .. وهذا يعني أن إسحق ومن شايعه .. كانوا يعتبرون أنفسهم في حالة حرب .. ومع من ..؟ مع شعب السودان بالطبع .. الذي كان مستهدفا بذلك الخطاب .. المفارقة الآن أن ذات الآلة الإعلامية عادت تعمل بنشاط ملحوظ .. ولماذا ..؟ لاسترداد الدولة الإسلامية السليبة .. ولعل هذا ما يفسر شراسة الحملة وعنفها .. وتجاوزها لكل الخطوط الحمراء ..! وساذج فقط من يظن أن المؤمن يمكن أن يلدغ من جحر مرتين ..!
كل ما سبق أعلاه لا صلة له بوقائع حوار موضوعي وهادف .. أداره رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك وطاقمه الإعلامي .. بحضور وزير الإعلام .. مع عدد من رؤساء التحرير والكتاب ..قبل يومين .. كان هدفه المعلن تنوير الحضور .. بأبعاد ومرامي وأهداف مبادرة رئيس الوزراء الأخيرة قدم فيها الدكتور حمدوك إفادات مهمة .. وفي المقابل طرح الصحفيون أسئلة جريئة وإضافات مضيئة في مسار المبادرة .. ليبقى السؤال .. .. حول الدور الذى يمكن أن يلعبه الإعلام .. الإعلام الداعم للتغيير .. فهل ينجح هذا الإعلام في دوره التاريخي فى قيادة التغيير لتحقيق مهام الانتقال .. أم يتسيد الساحة إعلام آخر .. لإعادة إنتاج أزمة الديمقراطية الثالثة .. ثم الانقلاب عليها ..؟

قد يعجبك ايضا
الموجز السوداني
error: Content is protected !!