في طريقي عودتي إلى منزلي عقب إكتمال إجراءات الضمان في البلاغ المدون ضدي من شركة بدر للطيران، اجتاحتني سعادة غامرة وظللتني غيمة من الارتياح الذي لم ينسرب إلى دواخلي منذ فترة ليست بالقصيرة، والشعور بالسعادة دفعني مع عدد كبير من المواطنين للسير على الأقدام من نهاية حي كافوري حتى حلة كوكو بعد أن تعذرت حركة السيارات تماماً لسوء الطريق عقب هطول الأمطار، ورغم رهق اليوم الا إنني لم أشعر بطول المشوار.
جملة من الأسباب تقف وراء الحالة التي تملكتني أولها بكل تأكيد التغيير الكبير الذي طرأ على طيف واسع من السودانيين وهم يلجأون إلى القانون عبر نيابة المعلوماتية لتدوين بلاغات بسبب تجاوزات تشهدها وسائط التواصل الإجتماعي بحقهم، والمضي في إتجاه تحريك الإجراءات القانونية ضد الذين أدمنوا التنمر ونشر خطاب الكراهية من شأنه أن ينعكس إيجابا على كل من يرتاد الوسائط،ونتمني تنزيل قرار النائب العام مولانا مبارك محمود بإنشاء نيابات معلوماتية في كل الولايات باعجل ماتيسر.
السبب الثاني لسعادتي وجود شباب على درجة عالية من التفاني والإحترام بنيابة المعلوماتية بالخرطوم وبحري، فقد كنت أتابع بعين الصحفي تعاملهم مع المواطنين، وبكل صدق جاء متسقا مع مبادئ ثورة ديسمبر التي اندلعت من أجل حفظ كرامة الإنسان السوداني الذي تذوق كل صنوف الذل والهوان والظلم في عهد النظام البائد، وروح الثورة تتبدي جلياً في تعامل أفراد النيابة والشرطة، وهذه إشراقة لابد من إعلاء شأنها لأنها تعني بأن السودان يمضي في الطريق الصحيح المفضي الي إمتلاك مؤسسات دولة تضع قيمة المواطن نصب اهتمامها وتؤدي عملها بتجرد وصدق، وهنا لابد من التعبير عن سعادتي أيضاً بمثولي اليوم أمام وكيلة نيابة غاية في التهذيب، وحقا نساء بلادي مفخرة.
اما السبب الثالث لسعادتي فهو الحب الذي غمرني به عدد كبير من الزملاء الأفاضل من الصحفيين الأنقياء والصحفيات المحترمات الذين تفاجأت بحضورهم إلى النيابة وسيل مكالماتهم الذي لم يتوقف، وهذا التعاطف يؤكد أن الجسد الصحفي وحتى وان غشيته رياح التباين في وجهات النظر السياسية إلا ان الرابط الإجتماعي بين أفراده يظل قوياً وراسخا، وبخلاف الزملاء الأعزاء فقد تلقيت الكثير من المكالمات الهاتفية التي ضاعفت من حجم سعادتي بجمال وأصالة أصدقائي ومعارفي، والمرء دائما في النائبات تضح له حقيقة معادن الرجال الأكارم والنساء العظيمات.
ومن أكبر مكاسب هذا اليوم التي أيضا كانت سبباً في راحتي النفسية لجوء صاحب بدر ابوشعيرة إلى القانون وهو أمر يحسب له، لأن إتهامات خرق القانون وعدم الاكتراث به ظلت تلاحقه منذ أن ولج عالم الطيران في خواتيم عقد التسعينيات من القرن الماضي، وإذا مضى في طريق إحترام القانون فلن يجد من يوجه ناحيته الإتهامات.
وهنا لابد من الإشارة إلى أن مكسباً آخر استدعيته اليوم وشعرت حياله بالفخر، فبسبب متابعتنا لملف تهريب الذهب عبر مطار الخرطوم وكشف تفاصيله على مدار عام وزيادة كان كفيلا بلفت نظر الرأي العام و تحرك الدولة التي أصدرت عدد من القرارات لإيقاف نزيف التهريب والتخريب، كما أن إهتمام الإعلام بهذه القضية بات كبيراً ومؤثرا، وهذا بلا شك أمر إيجابي، وحتى الذين يدافعون عن شركة بدر اشتركوا في هذه الحملة بوضعهم القضية على السطح وهذا ماننشده، ونتمني أن تسفر الحملة عن قطع يد كل من تسول له نفسه سرقة موارد البلاد وهضم حقوق الأيتام والأرامل والفقراء.
اما تفاصيل البلاغ فهو أمام النيابة وأخلاقيا ومهنيا لن أخوض فيه، لكن بالتأكيد لن يمنعنا هذا من تناول ملف تهريب الذهب، وهنا نسأل ماذا حدث في بلاغ الجمارك ضد المدير التنفيذي لبدر أحمد ابوشعيرة، وماذا عن بلاغا ضبطيتي الذهب في فبراير ومايو؟
خارج النص
بالمناسبة نبض نيوز موقع اخباري سوداني كامل الدسم ولا تموله السعودية كما كتب أحدهم، فقد انشأته تخليدا لذكرى الشهيد معتصم وارغو نجل إبنة عمي، اما نبض الذي ينبض بحب السعودية ويسبح بحمدها فلا علاقتي لي به، ويظل مطلبي قائماً بطرد السفير السعودي الذي يريد أن يؤدي ذات دور الحاكم العام في عهد الإستعمار.
شكراً لكل الشرفاء.