تقرير: أميرة الجعلي
أحدث تعيين ياسر عرمان مستشاراً سياسياً لرئيس الوزراء عبدالله حمدوك ، ردود فعل كبيرة وسط القوى السياسية بين مرحب ومعارض.
الذين رحبوا بهذا التعيين ركزوا على خبرة ياسر السياسية في العمل السياسي والمسلح وعلاقاته الخارجية الممتدة في البعدين الإقليمي والدولي وتاريخه السياسي مع الحركة الشعبية وعلاقته مع قادة دولة جنوب السودان.
أما الذين إعترضوا على خطوة تعيينه فركزوا على خصومته السياسية لعدد كبير من القوى الحزبية والسياسية وأنه سينقل عداواته السياسية إلى داخل مكتب رئيس الوزراء.
أبرز ردود الفعل
جاء أول ردود الفعل من الحركة الشعبية جناح الحلو حيث قال القيادي د. محمد يوسف في تصريحات أن الحكومة إذا قررت ضم ياسر لوفد التفاوض فسنلجأ للتفاوض غير المباشر عبر الوسطاء في غرف منفصلة.
وكان ذلك التصريح أول رفض صريح لتعيين ياسر عرمان من قبل رفقائه السابقين الذين إنشق عنهم.
ويعود ذلك ليس بسبب تفاقم الخلافات السياسية بين فصيلين منشقين من بعضهما البعض ولكن لإختلاف رؤيتهما لتحقيق السلام، إذ يتحفظ ياسر على خط حركة الحلو في طرح موضوعات السودان العلماني وعطلة الأربعاء وغيرها من قضايا ما يسمونه تصفية الدولة الدينية.
وذلك على عكس إتفاقية جوبا للسلام التي شارك فيها ياسر والتي تهدف إلى المشاركة في السلطة وتصفية المؤتمر الوطني والترتيبات الأمنية وشعارات دولة المواطنة والتحول الديمقراطي.
نشاط ملحوظ
يتفق معظم المراقبين أن ياسر عرمان منذ صعود نجمه وعمله بالقرب من رئيس الوزراء،حتى قبل إعلانه رسمياً مستشاراً له، بدأت بصماته تظهر في العمل السياسي. وتعد أبرز مشروعاته هي ) المبادرة السياسية) التي طرحها رئيس الوزراء، وقد أحدثت حراكاً سياسياً في الساحة، كما قاد ياسر مبادرات أخرى منها ترتيب مقابلة قيادة الحزب الشيوعي مع رئيس الوزراء وهو الذي يرفع شعار اسقاط الحكومة، كما برز أيضاً في اللقاء مع نائب رئيس مجلس السيادة حميدتي رغم التسريبات السابقة بأن العلاقة بين الرجلين ليست على ما يرام، لكن من الواضح أن ياسر أرسل تطمينات للرجل الثاني حميدتي بشأن عمله ومشروعاته في مكتب رئيس الوزراء.
استقالات
برزت الإتهامات مجدداً ضد ياسر عقب إعلان عضوية لجنة المبادرة برئاسة اللواء فضل الله برمة ناصر، حيث إتهم كثير من المراقبين ضعف تمثيل اللجنة للمكونات الإجتماعية والسياسية للسودان. مع ظهور أسماء تحمل ألقاباً قبلية وزعامات أهلية لم تكن معروفة، وبرزت إحتجاجات من نظارات الشكرية والجهاديين وعدد من الكيانات.
كانت أبرز الإنتقادات لعضوية اللجنة أن ياسر عين أصدقاءه المقربين لعضوية اللجنة و أنها مترهلة وكبيرة وغامضة في الإختصاصات . وقاد خط الإنتقاد الأول بعض قادة حزب الأمة الذين رأوا أن هدف المبادرة هو تغيير حاضنة الحرية والتغيير بحاضنة جديدة، مما أدى إلى إختلاف في المواقف داخل حزب الأمة عبر عنه بيان الأمين العام الواثق البرير.
لكن جاءت الضربة الكبرى باستقالة مني مناوي حاكم إقليم دارفور من اللجنة وأشار بوضوح إلى دور ياسر عرمان كما استقال منها أيضاً الناظر ترك وآخرون.
سيترك آثاراً سلبية أكبر
ويقول المحلل السياسي خالد الأعيسر أن قرار تعيين ياسر عرمان في الدائرة النافذة في محيط رئيس الوزراء سيترك آثاراً سلبية أكبر من أية مكاسب سياسية وسينعكس ذلك على المشهد السياسي برمته وليس أدل على ذلك إلا الخلافات الكارثية التي حلت بالحاضنة السياسية نفسها.
وذكر الأعيسر في حديثه لـ (الإنتباهة) أن حمدوك دفع للوقوع في فخ إفساد مبادرته بنفسه بإتخاذه لقرار غير محسوب العواقب لأنه صادر بروح وإرادة جهات أخرى يهمها وجود عرمان في دائرة صناعة القرار بالقرب من حمدوك.
وقال إن ياسر عرمان يمتلك رصيداً من الوعود التي قطعها على نفسه تفيد بأنه غير راغب في الحصول على مناصب خلال الفترة الإنتقالية، وأضاف أن قبوله بأي منصب سيرتد وبالاً عليه وتاريخه السياسي وكسبه التراكمي وعلى الفترة الإنتقالية نفسها والسودان، وأضاف أن ياسر سار في ما هو يتعارض مع وعودة السابقة وفي ذلك إنتقاص كبير لشخصيته السياسية وزخمه التراكمي من زاوية، وتقديره لنفسه ووعوده من زاوية أخرى
ويعتبر محدثي أن كثيرين عبروا عن رفضهم لمبادرة حمدوك فقط من زاوية وجود عرمان كمستشار سياسي لرئيس الوزراء ونفوذه الطاغي على شكل تكوين الآلية التي غلب عليها نفس عرمان وميوله وصداقاته.
ومن هؤلاء الممتعضون الرفيق مني أركو مناوي الذي كان صريحاً في إفاداته حول أسباب إنسحابه من الآلية التي شكلها حمدوك لتقود دفة المبادرة.
عقلية التمرد
من جانبه قال المحلل السياسي الرشيد محمد لـ(الإنتباهة) أن ياسر عرمان لديه تجربة سياسية كبيرة عليه أن يستغلها في المساهمة في الوظيفه العامة، وأضاف لكن عرمان مازالت أطروحاته متأثرة بعقلية التمرد والجيش الشعبي الذي يعتبر القوات المسلحة عدواً استراتيجياً عليه التخلص منها.
وقال محدثي أن المرحلة الحالية مختلفة تحتاج إلى عقلية جديدة، ولفت إلى أن هناك أخطاء عديدة منذ تولي عرمان منصب المستشار السياسي لرئيس الوزراء أبرزها ذهاب حمدوك برفقه البرهان إلى الشقه بإعتبارها شأناً عسكرياً، وأيضاً فيجب أن يكون هناك تبادل للأدوار، بجانب أن حمدوك هو رئيس لـ(الإيقاد) وعليه أن يلتزم الحياد، وأضاف أن الخطأ الثاني عدم مشاركة حمدوك في تنصيب حاكم إقليم دارفور، بجانب إختيار ذات الوجوه المتكررة في آلية مبادرة حمدوك فليس هناك جديد فيها.
إضافة للحكومة
في الأثناء أكد رئيس تحرير صحيفة اليوم التالي الطاهر ساتي لـ(الإنتباهة) إن وجود عرمان كمستشار سياسي لرئيس الوزراء يشكل إضافة للمجلس والحكومة، وأضاف أن ياسر شخصية لها تاريخ سياسي كبير وتعلم من الآخرين الذين عاشرهم أمثال جون قرنق ومنصور خالد وغيرهم. ا
وقال ساتي إن السودان يمر بمرحلة بناء سياسي لمرحلة إنتقالية تؤدي إلى استقرار سياسي، وزاد تتطلب خبرات مثل ياسر عرمان، وفيما يخص آلية مبادرة حمدوك قال إن الذين تم إختيارهم تم إخطارهم ثم أعتذروا لأسباب شخصية تعود لعدم تقبل الآخر، مؤكداً أنها ليست مسؤولية ياسر أو مجلس الوزراء، وزاد كان على الناس التركيز حول المبادرة أكثر من الشخوص لأننا نريد نتائج.
تحديات النجاح والفشل
ولكن يرجح المراقبون نجاح ياسر عرمان في مهمته الجديدة مستشاراً لرئيس الوزراء من جهة نيل ثقة حمدوك وإعتماده على ياسر في التعامل مع الحاضنة والقوى السياسية وكذلك ملف السلام، وهو بما يملك من خبرة سياسية وعلاقات ممتدة قادر على تحريك الواقع السياسي ومساعدة رئيس الوزراء في تأدية مهامه.
من جهة أخرى يتوقع البعض فشل ياسر في مهمته الجديدة، وذلك لكثرة أعدائه السياسيين خاصة من قبل بعض فصائل دارفور مثل مني مناوي وكذلك الحركة الشعبية جناح الحلو التي ستكون أكثر تشدداً في مواقفها التفاوضية في وجود ياسر عرمان.