وكالات- الموجز السوداني
غادرت بعثة علمية، ميناء إيلات الإسرائيلي، نحو ميناء بورتسودان السوداني، أمس الثلاثاء، ومن المتوقع أن تصل سفينتهم التي ترفع العلم السويسري إلى بورتسودان في غضون أربعة أيام، لتطلق مشروعاً مشتركاً، مع باحثين سودانيين، منوط به المساعدة في الحفاظ على الشُّعب المرجانية بالبحر الأحمر.
ويرأس البعثة، الباحث الإسرائيلي ماعوز فاين، من المعهد الدولي للعلوم البحرية في إيلات، ويضم طاقمه العلمي خمسة باحثين أوروبيين، بالإضافة إلى أربعة من أفراد الطاقم جميعهم من الأوروبيين، كذلك ومن المقرر أن يلتئم شملهم بسفينة تضم فريقاً من الباحثين السودانيين، وستقضي السفينتان، حتى شهر سبتمبر القادم في جمع عينات من الشُّعب المرجانية، بحسب “تايمز اوف إسرائيل”.
في وقت لم يستجب العلماء المصريون للدعوة والانضمام إلى هذه الرحلة العلمية، لم يتمكن خبراء أردنيون للانضمام إلى الرحلة الأولى.
يهدف المشروع، الذي يمتد على مدى أربعة فصول صيفية، إلى إنشاء خط أساس للصحة المرجانية يمكن قياس التغيُّرات المستقبلية، لا سيما في المناخ.
سيقوم العلماء بالغوص يومياً لجمع عينات المرجان وإخضاعها لدرجات حرارة وظروف مياه مُختلفة. سيتم بعد ذلك استخدام النتائج لرسم خريطة للمنطقة.
مع رفع العلم السويسري كرمز للحياد السياسي، وتمويل من مؤسسة أوروبية مجهولة، وذوبان الجليد الدبلوماسي في أجزاء من المنطقة التي شهدت حتى الآن موافقة إسرائيل والسودان على إقامة علاقات بينهما، يأمل العلماء في تغطية 4500 كيلومتر تقريباً، الذي يمثل خطاً ساحلياً لثماني دول على البحر الأحمر – إسرائيل والأردن ومصر والسودان وإريتريا والمملكة العربية السعودية واليمن وجيبوتي.
وقال البروفيسور ماعوز فاين، من جامعة بار إيلان والمعهد المشترك لعلوم البحار (IUI) في إيلات الإسرائيلية، والذي يشارك في إدارة المشروع، إن الحملة الاستكشافية تدور حول “ربط العلم والدبلوماسية من أجل مستقبل الشُّعب المرجانية”.
وأكّد فاين، أنّ نصف الشُّعب المرجانية في العالم ماتت على مدار الـ39 عاماً الماضية، ومن المتوقع أن تبقى 10% فقط على قيد الحياة بعد عام 2050، حيث يشكل تغيُّر المناخ أكبر المخاطر.
وقال فاين إنه في أسوأ السيناريوهات، يمكن أن تكون الشُّعب المرجانية في خليج إيلات “آخر الشُّعب الصامدة”.
أظهرت الأبحاث في محاكي الشُّعب المرجانية IUI – حيث تخضع الشُّعب المرجانية في صفوف من الخزانات لظروف مختلفة من درجات الحرارة وحموضة المياه وتتم مراقبتها بواسطة روبوت – إنّ هذه الشُّعب المرجانية قادرة على تحم؟ُل ظروف تصل إلى ست درجات أعلى من متوسط درجات الحرارة القصوى في الصيف، مع أنه لا توجد تقارير عن تبييض – والذي يحدث عندما تفقد الشُّعب المرجانية شركاءها من الطحالب وتتحول إلى اللون الأبيض قبل أن تموت في النهاية. في أجزاء أخرى من العالم تنهار الشُّعب المرجانية عندما ترتفع درجات الحرارة بمقدار درجة أو درجتين فقط أعلى من متوسط الحد الأقصى في الصيف.
نظرياً أنّ الشُّعب المرجانية في إيلات تطوّرت جنوباً بالقرب من اليمن وجيبوتي، قبل الانتقال شمالًا، مع مرونة داخلية، يأمل أن تكون بمثابة “بوليصة تأمين للشُّعب المرجانية للبقاء على قيد الحياة خلال العقود القادمة”، مما يوفر المواد المرجانية التي يُمكن أن تُساعد إحياء الشُّعب المرجانية في أماكن أخرى التي دمّرها ارتفاع درجات الحرارة حول العالم.
لكن حذّر فاين من أن الشُّعب المرجانية في خليج إيلات تواجه تهديدات عديدة، من التلوث النفطي وتصريف مياه الصرف الصحي والمواد الكيميائية الزراعية إلى النفايات البلاستيكية والصيد الجائر والبناء والأنواع الغازية.
يُذكر أن هذا المشروع يُعد ثمرة لمركز البحر الأحمر للبحوث العابرة للحدود، الذي يديره المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في لوزان، والذي تم إنشاؤه للمساعدة في التغلب على العقبات الدبلوماسية أمام التعاون بين دول البحر الأحمر، وكثير منها ذات أغلبية مسلمة وليست لديها العلاقات مع إسرائيل.
وحذّر البروفيسور أندرس مايبوم من المركز، الذي يُشارك في قيادة الحملة مع فاين، من أنه “لا يمكن لأي دولة أن تفعل ذلك بمفردها”. فمثلاً أن انهيار الشُّعب المرجانية في مصر، والتي تعتمد على السياحة، قد يكون له تأثيرٌ خطيرٌ على اقتصاد مصر.
قال أندرس: “إنه بينما كان للبعثة الحالية حد زمني محدد، كان لمركز الأبحاث (جدول زمني لعقود)، يهدف خلاله إلى تدريب العلماء الشباب في المنطقة”. وأضاف أن البيانات العلمية المحدثة كانت حاسمة للمساعدة في تقييمات الأثر البيئي لمشاريع البناء الكبرى، على سبيل المثال.
بالإضافة إلى إنشاء خط أساس للصحة المرجانية، يخطط مركز الأبحاث لتركيب محطات مراقبة في الوقت الحالي مزودة بأجهزة استشعار وكاميرات في نقاط مختلفة بالبحر الأحمر لقياس صحة المرجان وتنبيه الباحثين إلى أي احداث تبييض على الفور.
سوف يقوم فاين بتركيب أول أجهزة استشعار قبالة ساحل إيلات عند عودته من أفريقيا. وسيتم نشر الدفعة الثانية قبالة العقبة في الخريف، والآمال هي أن يتم تشكيل مجموعة ثالثة قبالة سواحل السودان.
ويحذر وزراء حماية البيئة السابقون والحاليون – جنباً إلى جنب مع تحالف واسع من العلماء ودعاة البيئة والسلطات المحلية، بما في ذلك إيلات – من أنه يمكن لتسرب نفطي صغير؛ أن يشل الشُّعب المرجانية وكذلك محطات تحلية المياه بالقرب من عسقلان، لذلك جاء إلغاء اتفاقية مثيرة للجدل للغاية بين شركة خطوط الأنابيب الأوروبية الآسيوية المملوكة لإسرائيل والإمارات العربية المتحدة لجلب النفط الخام من الخليج إلى إيلات، وتوجيهه عبر الأنابيب البرية إلى عسقلان على ساحل البحر الأبيض المتوسط.
وتسعى إسرائيل من أجل الانضمام إلى الاتفاقية الإقليمية للمُحافظة على البحر الأحمر وخليج عدن، التي أُنشئت عام 1982 في المملكة العربية السعودية، لكنها ظلّت مُغلقة أمام إسرائيل لأسباب سياسية.
وأعلن الأردن عن رغبته في إعلان شواطئه على البحر الأحمر كموقع تراث عالمي لليونسكو، مما يوفر فرصة لإنشاء سلسلة من هذه المواقع في جميع أنحاء البحر الأحمر، والتي يُمكن تحديد مواقعها بمساعدة أبحاث البعثات.
يُذكر أنّ هذه السفينة، كانت واحدة من 600 قارب من هذا القبيل بناها النازيون لزرع الألغام، ولكن لتبدو وكأنها سفن صيد. وتم غرق 300 منها خلال الحرب العالمية، واستولى الحلفاء على البقية. وتم استخدام هذا القارب بالذات من قبل الجيش الفرنسي حتى عام 1970، ثم تمّ شراؤه من القطاع الخاص، وتم الحصول عليه أخيراً من قبل مؤسسة باسيفيك غير الربحية ومقرها جنيف، والتي قامت بتكييفه ليكون بمثابة منصة لوجستية للبحوث البحرية.
يقول فاين: “الطريقة الوحيدة للقضاء على التهديدات هي التعاون مع الجيران والعلوم عبر الحدود، فنحن بحاجةٍ إلى التحرك الآن إذا أردنا جمع جميع البلدان حول طاولة واحدة لتأمين هذه الشُّعب المرجانية الثمينة”.