رحمة الله تتنزل على قبر صديقي الدكتور عبد الماجد عبد القادر والذي برحيله ترك جرحا غائرا لن يندمل الى أن نلقاه في رحاب الملكوت الاعلى، كان صاحب قلم سنين وعميق مكسي بالجزالة والطرافة، وكانت اكثر المواضيع تناولا لذلك القلم الرفيع البنوك، فعبد الماجد قد بدأ حياته مصرفيا وترقى فيها مراقي عليا ثم اصبح عميلا لتلك البنوك بسبب مشروعه القومي الصمغي الكبير. واستطاع عبد الماجد تحويل معرفته العميقة بالبنوك الى مادة صحفية مفيدة ومثيرة ثم اصدر منها عدة كتب ولعل اهمها كتاب (ابناء الافاعي) خلاصة فكرة عبد الماجد عن هذه البنوك انها من اهم اسباب الأزمة الاقتصادية التي حلت بالسودان وانه اذا لم يتم اصلاحها اصلاحا ثوريا سوف تلحق السودان امات طه. لقد رحل عبد الماجد وفي نفسه الكثير من هذا الجهاز المصرفي المتردي. (2 ) الحكومة الانتقالية استطاعت طوعا او كرها اتخاذ اخطر القرارات المالية النقدية في تاريخ السودان وهو التعويم المدار المرن للجنيه السوداني فوصل الدولار الي ارقام خيالية لم تخطر ببال اكثر الناس تشاؤما من سياسة سعر الصرف وذلك لان تلك السياسة كانت تحتاج الى جهاز مصرفي معافى بينما جهازنا القائم ابعد ما يكون عن المعافاة فهو عبارة عن شلليات وإن شئت قل عصابات تتغذى من دم الشعب لا يهمها اذا انهارت هذه البلاد او لجقت الغطس . شلليات تلعب بأموال المودعين لعب وتوجهها للانشطة الطفيلية من تجارة عملة ومضاربات وأبعد ما تكون عن الانتاج والمنتجين . شلليات سيطرت على البنك المركزي وجعلته يصدر التشريعات التي تمهد لها الاستنزاف واللعب بأموال المودعين . لقد كانت هذه البنوك هي الداعم الاول لتجار العملة فتحول اموال المودعين لهم ولما قوى ساعد هؤلاء المرابين من تجار العملة زحفوا على ذات البنوك وسيطروا عليها فكان اخطر قرار صدر من بنك السودان في 2016 تقريبا هو السماح للمساهمين كأفراد بالسيطرة على قرارات البنوك فأصبحت بنوك افراد ليست شركات مساهمة عامة بمعنى كان هناك نص يحدد الحد الاعلى من الاسهم حتى لا يسيطر فرد على مجلس الادارة فألغي هذا النص (فكان ما كان ) . (3 ) اها اليوم العلينا والجنيه السوداني في رمقه الاخير اكتشف الجميع أن هذه البنوك قد استغلت الانفتاح وإنهاء العزلة الاقتصادية للمزيد من التحكم في اسعار العملة والمضاربة فيها (اموال مودعين والأجر على الله ) واصبح (بعض ) موظفي البنوك اكرر بعض اباطرة متوجين بالدولار واليورو والذي منه و اعضاء مجالس الادارات اصبحوا البابوات لهذا العصر الاقطاعي اما رؤساء مجالس الادارت وهم اسياد البنوك الفعليين فأسكت ساكت وأدي ربك العجب . السيدة هبة محمد علي وزيرة المالية المكلفة السابقة ومستشارة وزير المالية الحالي وهي ذات سهم كبير في التردي الاقتصادي الذي حدث في هذه الفترة الانتقالية قالت وبصدق انه لن تنجح اي سياسات اصلاحية مالية او نقدية في ظل النظام المصرفي الحالي . لقد شربت هذه المصارف دم البلاد والعباد في ظل السياسة المصرفية التي سميت جورا وبهتانا بالإسلامية مع انها اسوأ وأضل من الربوية وذات المصارف استعدت الآن لعودة النافذة التقليدية للمزيد من (الجغم) وبهذا يتضح لنا أن المشكلة ليست في النافذة الواحدة او النافذتين المشكلة في (شاسي) المصارف وهنا يأتي دور بنك السودان (العمدة) لكن قل لي يا صاح كيف يأتي الخلاص وهو ذاته (مفتول)؟
صحيفة السوداني