تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورة مؤثرة ومؤلمة للغاية، لطفلة من إحدى قرى المناصير بولاية نهر النيل، محاطة بعشرات العقارب السامة التي جُمعت في يوم واحد، ومع شح الأمصال في المنطقة، تتزايد المخاوف من لدغات العقارب التي تشكل هاجساً مستمراً للأسر، حيث فُقد العديد من الأطفال جراء هذا الخطر الداهم،بالرغم من أنهم يقطنون في مناجم من الذهب داخل باطن الأرض وخارجها، لكن مع ذلك لم تقيهم أو تحميهم أو تشفع لهم من خطر العقارب الذي ظل يفتك بهم بصورة مخفية، لأن هذه المناجم الذهبية، تحرسها ذئاب بشرية تبتلع كل ما يتم إنتاجه من الذهب في بطونها،دون مراعاة للضعفاء الذين يفتقدون لأبسط مقومات الحياة على رأسها الحصول على فتيل أمصال بمبلغ 10 آلاف جنيه فقط.
وتشير تقارير صحفية إلى تزايد وتكاثر وانتشار مخيف للعقارب، وبإعداد كبيرة وبأحجام ضخمة نتيجة لارتفاع معدلات الأمطار بولاية نهر النيل هذا العام.
حيث ظلت قضية العقارب التي تفاقمت عقب تشييد سد مروي بصورة كبيرة ببعض قرى نهر النيل من المسكوت عنها طوال السنوات الماضية وحتى الآن، مع إنها ظلت تشكل هاجساً حقيقياً ومستمراً لقرى المناصير.. وأصبحت لدغات العقرب لا تقل خطورة من الدانة التي تطلقها مليشيا دقلو إخوان ضد المواطنين في الفاشر و الجزيرة والخرطوم، لان ذات الحرب يعيشها أهالي المناصير من نوع آخر، َويفقدون بسببها العشرات من الأطفال لعدم توافر الأمصال، والمؤسف حقاً أن هذه الكارثة لا تجد أدنى اهتمام أو اعتبار من حكومة نهر النيل أو شركات التعدين “الغارقة ” في الذهب حتى اذنيها، و الشئ الموجع أكثر أن أموال المسؤولية المجتمعية المنصوص عليها في قانون التعدين المخصصة للمجتمع المحلي لتوفير الخدمات الأساسية من ضمنها تشبيد مراكز صحية تعمل على توفير الأمصال، تذهب إلى جيوب جهات أخرى غير أصحاب المصلحة الحقيقيين، الذين أصبحوا يعانون الأمرين من لدغات العقارب من جهة، وانتشار مرض السرطان من جهة أخرى بسبب التعدين العشوائي، والاستخدام المفرط للزئبق والسيانيد، بمناطق التنقيب، نتيجة لعدم وجود رقابة صارمة من الجهات المسؤولة من أمر التعدين سواء وزارة المعادن متمثلة في الشركة السودانية للموارد المعدنية، أو حكومة نهر النيل التي يتهمها المتضررون من التعدين بالتواطؤ مع شركات إنتاج الذهب على حساب صحتهم وبيئتهم،لذلك تحتاج قضية انتشار العقارب لوقفة حقيقية من شركة الموارد المعدنية و حكومة نهر النيل باعتبارهما المستفيدين الأوائل من إنتاج الذهب، لجهة أن الأهالي بقرى المناصير أصبحوا يعيشون في أحزان عميقة ودائمة، وتبدلت حياتهم إلى جحيم،وأصبحوا لا يجدون من يواسيهم فيما من فقدوه ويفقدونه من فلذات اكبادهم بشكل يكاد يومياً، مع ذلك ظل والي نهر النيل صامتاً صمت القبور لا يحرك ساكناً تجاه الكارثة الحقيقية التي ظل يتعرض لها أهلنا بقرى المناصير منذ عقدين من الزمان… وأخاف أن يمر علينا يوم وتصبح هذه القرى بلا أطفال بعد أن أصبحت مهددة بالانقراض حال استمر تجاهلها بهذه الكيفية من قبل الدولة، بالتالي لابد من إيجاد حلول عاجلة للحد من خطر دغات العقارب… نعم الإعمار بيد الله لكن على الحكومة القيام بواجبها تجاه أهلنا بقرى المناصير…