بسم الله الرحمن الرحيم
إنّا فتحْنا لك فتْحًا مّبينًا (1) لّيغْفر لك اللّه ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر ويتمّ نعْمته عليْك ويهْديك صراطًا مّسْتقيمًا (2) وينصرك اللّه نصْرًا عزيزًا (3)
بسم الله
وبه الإعانة بدءًا وختمًا، والصلاة والسلام على سيدنا محمد ذاتًا ووصفًا واسمًا
أصحاب المعالي والسعادة السادة المسؤولين
أصحاب الفضيلة رجال الطرق الصوفية
أصحاب المقام السامي العمد والنظار
السادة الخلفاء
المواطنون الكرام
السلام عليْكمْ ورحْمة الله وبركاته،
السلام على أهْل هذه الديار الطيبة؛
السلام على أهْل هذا الوادي المبارك،
السلام عليْكمْ يا أحْفاد الكرام، ويا أهْل الكرم
والشكْر الجزيل، لكمْ على استقبالكم لنا ولأهلكم الحاضرين، وعلى حفاوتكم المعهودة، وعلى هذا الحشْد المبارك، وهذه الوجوه التي نفْرح برؤْياها، ونفْخر برأْيها، وقدْ تعودْنا أنْ نقاسمها السراء والضراء.
وأود بادئ ذي بدْء أنْ أنْقل إلى حشْدكم الكبير والميْمون، تحيات سيدي صاحب السيادة موْلانا السيد محمد عثْمان الميرْغني، مرْشد الختْمية رئيس الحزْب الاتحادي الديمقْراطي الأصْل. وأنْقل شكْره الجزيل لحشْدكمْ هذا ولمواقفكم المعْهودة.
ولعلكمْ تذْكرون أنه لما اسْتعرتْ نيران الحرْب التي بدأت بتمرد الدعم السريع في 13 أبريل واحتلاله مطار مروي، جاء موْلانا الميرْغني في طوافه إلى هذه الديار، وبقي فيها طوال نصْف عام من الحرْب، ولم يخرج منها إلا لزيارة سواكن وبورتسودان والقاهرة وفي النية زيارة جده صلى الله عليه وسلم ولذلك إشاراتٌ جليةٌ، وبينةٌ، تدل على مكانتكمْ جميعًا، في نفْس سيادته، فجزاكم الله ألْف خيْر، وبارك فيكمْ.
الحضور الكريم
أخاطبكم اليوم في ظرف تاريخيّ صعب ودقيق يستدعي الوضوح والصراحة.
وإنني اليوْم أقف بيْنكمْ، وفي نفْسي الكثير من الارتياح بالرغم من صعوبة التحديات. فأنا أرى فيكمْ تاريخًا عظيمًا، سقتْه دماء الوفاء، وتم فيه البناء على القيم والأخلاق العربية الأصيلة، ولقد رأيْت في طوافي في هذه الولاية: عزْمًا حاضرًا قويًّا، وإنني أسْتشْعر لكمْ ولبلادنا مسْتقْبلًا راسخًا فيه الانتصارات، وتسْطع فيه شمْس الحق والخيْر. فبارك الله في شيبكم وشبابكم، ورجالكم ونسائكم.
فأنْتمْ عماد تاريخ بناه الأجْداد ورعاه الآباء وقدرنا أنْ نحمله معًا.
نسْتعين بالصبْر، والصدْق، ومواقف الحق.
إننا اليوْم نقف في هذا الموْقف، وفي هذه اللحْظة، في ظرْف تاريخي دقيق، لمْ نخْترْه، ولكننا لا نخْشى أنْ نواجهه بما يسْتحقه منْ صبْر حكْمة وتضحيات.
فنحن أحفاد الحسين، وأبناء كربلاء، وورثة حيدر الكرار.
نحب السلام وتخشانا الحروب.
فنوصيكم بدعم قواتكم المسلحة ودعم الجيش باعتباره صمام الأمان لحماية البلاد تأمينها وحراسة وحدتها الوطنية وسيادتها السودان.
الحضور الكريم
إنّ منهجنا مبني على فهم الأمور قبل التحرك. وبذل النصيحة، ومناقشة الأخطاء. فالعلم قبل العمل.
وما حلّ ببلادنا من فتنة، خطأ، تراكمي يجب أن لا يتكرر.
و من الصدْق أنْ نقول إننا ندْرك الأخْطاء التراكمية التي حدثتْ في جسد الدوْلة منْذ انْقلاب الجبْهة المشْؤوم في سنة 1989، والذي أدى إلى تشوهات عميقة في المجْتمع والمؤسسات، وظهرتْ بسببه؛ وبسبب الفكْر الإقْصائي أخْطاءٌ حاولت النيل من أركان الدولة الديمقراطية: الأحزاب القوية، والقبائل العريقة، والخدمة المدنية، وفوقها: المؤسسة العسْكرية أنشأت السياسات الخاطئة مؤسسات موازية، لكل ذلك، فشقت القبائل والأحزاب والطرق الصوفية.
ولقدْ ظل الحزْب يرْفض هذه الأخْطاء منْذ قيام التجمع الوطني الديمقراطي، ويحذر منْ أخْطارها في خطابات اسْتمرتْ حتى بعْد اتفاق السلام المنْعقد في نيفاشا، وحتى بعْد انْفصال الجنوب، وبعْد التغْيير في 2019، ظللْنا نقول إن عليْنا مقاومة الإقْصاء، ورفْض الازْدواجية، وعدم السماح للاتفاقات الثنائية بقيادة البلاد إلى الهاوية، وعدم الاسْتجابة للتدخلات الأجْنبية والحلول المفْروضة من الخارج لأن فيها تهْلكةً. ونشدد على وحدة القوات النظامية تحت مظلة القوات المسلحة، التي لا مدخل لها إلا الكلية الحربية معهد الرجال والبطولة والإباء والانضباط.
ويذكر العالم خطاب صاحب السيادة رضي الله عنْه، في نوفمبر قبل الماضي، وقبل الحرب بستة أشهر، الذي قال فيه إن الحلول المسْتعْجلة والمفْروضة ستؤدي إلى هلاك الجميع، وقدْ نقلت الرسائل إلى الجميع بهذا المعْنى، وكان سيادته يرى بفراسة المؤْمن ما كان يمْكن تفاديه. وقدمنا النصائح ولكن قدر الله نفذ ولذلك لمْ نترددْ لحْظةً في إعْلان دعْم الحزْب للدوْلة، وأبْرز أدواتها القوات المسلحة السودانية. لأن مسار الحل يبْدأ وينْتهي بالدوْلة السودانية. واستعادة مسيرتها: بقواتها المسلحة، ومؤسساتها الديمقراطية المعروفة.
وهنا نقاطٌ تحْتاج إلى توْضيحات شجاعة:
لا أحد يعارض تحْسين العقْد الاجْتماعي، ولا يقف ضد تطْوير (السودان القديم) ليصل إلى سودان يتوافق مع السودان الجديد، ولكنْ يجب ألا يكون ذلك على حساب تدْمير السودان القديم.
فنحن السودان القديم، وأهل السودان القديم، نفْخر بدوْلتنا الفتية، ونحتفل باسْتقْلال وطننا، في العام 1956، نفْخر بذلك لأن الاسْتقْلال منْجزٌ اتحاديٌّ صرف، تحقق بعرق وجهْد الآباء المؤسسين. ورفاقهم الميامين. نفْخر بدوْلتنا الفتية التي تحقق اسْتقْلالها، ونفْخر برجال الاسْتقْلال ولا نرى فيها سبة، ولا عار بل بداية تحرير لكل القارة الأفريقية وانطلاق لمسيرة تعمير الدول العربية فدولتنا من 1956 أصلها كرم، نجاح، والأخطاء تحدث ولكنا لا نهد بسببها البيت لنبني بيتاً جديد، فما في هذا الوطن يعنينا، بأخطائه وصوابه وسنذود عنه بكل القوة.
الحضور الكريم
إننا ندعم الاتجاهات الوطنية نحْو الحوار السياسي، وترْتيب الصف الوطني لتحْقيق الحد الأدْنى من الإجْماع الوطني وفق مبادرة مولانا السيد محمد عثمان الميرغني للوفاق الوطني الشامل وسنلتقي بجميع السياسيين السودانيين الذين يريدون الوفاق، والذين لا يريدونه للوصول إلى حد أدنى يحمي ما تبقى من البلاد.
ونحْن نقف مع السيد رئيس مجْلس السيادة في تبنيه لخيار الحوار بشروط لا تمس كرامة الأمة السودانية، وتؤسس لاسْتعادة مسار الانْتقال، واسْتئْناف بناء الدوْلة. ونؤكد في هذا الصدد، أننا كنا وسنقول دائمًا: نحْن مع أي فرْد أو جماعة تسعي للتحول الديمقراطي وصولا للانتخابات ونرحب بمن انضم لما ظللنا نقوله من اليوم الأول لا شرعية دستورية مدنية إلا بانتخابات برلمانية وانتخابات رئاسية
الحضور الكريم
لقدْ أبانتْ هذه الأزْمة عنْ ثغرات كثيرة نحْتاج أنْ نسدها.
ولكنها أبانتْ أيْضًا عنْ صبْر وحكْمة وكرم وأمانة وتقًى وعفاف وشيم عالية لأهْل هذا البلد. وقدْ أبانتْ عنْ تلاحم عظيم وشهامة، رأيْناها في الجزيرة الخضْراء حماها الله، وفي القضارف الغراء، وفي كسلا المبروكة، وفي بورْتْسودان المضيافة، وفي نهْر النيل العظيمة والشمالية العطوفة وفي الغرْب الحبيب، وفي كل بلادنا، فلا يوجد دارٌ، لمْ يفْتحْ لاسْتقْبال الضيوف، والأهْل، ولا يوجد أحدٌ إلا ومد يده بالعوْن. وعلى الرغْم من الدعْم المحْدود من المنظمات الدوْلية، والمساعدات المتقطعة؛ إلا أن القدْح الواسع، انْفتح للْجميع، والتقابة المضيئة وصل نورها للْجميع، وكأني اليوْم والله أرى أن الله يبدل الضيق سعةً، والمحقه برْكةً، والشتات جمْعًا، والعداء ألْفةً.
فالمحْنة في طيها منْحةٌ بإذْن الله.
الحضور الكريم
يجب أنْ لا يشْغلنا الهم الوطني الكبير عنْ ترْتيب صفوفنا، وأوصيكمْ باسْتعادة الحضْرات الجامعة، وتهْيئة الطوابير، والنظر في الاتجاهات الستة، واتباع منْهج السيدْ علي الميرْغني رضي الله عنْه، ولا تلتفتوا لأهل الكذب والضلال؛ فالحق أبلج والباطل لجلج. وكونوا من الذين بالنجم هم يهتدون.
الحضور الكريم
نسْأل الله أنْ يرد كيْد المعْتدين، وينْصر بلادنا وجيْشها، ويحْفظكمْ.
وأن يقبل الشهداء، ويشفي الجرحى.
ونود أن نشير في الختام أن الحزب يتبنى المطالبة بمحاسبة كل المتفلتين، ابتداء من جرائم التسعينيات، وصولاً إلى جريمة فض الاعتصام، والتمرد على الدولة. ويطالب بجبر الضرر وتعويض المواطنين على الخسارات الفادحة.
ولا يفوتنا في الختام شكر الدول التي يسرت إقامة السودانيين في أراضيها، واستقبلتهم، ودعمتهم، ووقفت معنا في هذه المحنة. ونسأل الله العون التوفيق.
والله الموفق وهو المستعان
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.