(300) سيارة فارهه على متنها “دعَّامة” منهوبة من الخرطوم تصل دارفور
بعد أن يُسدِل الليل ستاره، تعلو أصوات الرصاص مصحوبة بهتافات الرجال وزغاريد النساء، عندها يتهامس مواطنو مدينة الضعين بخبر وصول وفد من سيارات الغنائم،
قادمة من الخرطوم، محملة بالغالي والنفيس، وعلى متنها عدد محدود من الجنود.
تلك هي حالة تنام عليها الضعين كل يوم منذ ما بعد حرب 15 أبريل، وسيطرة قوات الدعم السريع -التي ينحدر أغلب قاداتها منها- على أحياء العاصمة المثلثة.
ومارس جنود الدعم السريع عمليات نهب واسعة أثناء القتال، طالت المنازل والمحلات التجارية التي هجرها سكانها تاركين خلفهم حصاد العمر في رحلة بحث عن نجاة
الروح في الولايات الآمنة، وخارج الحدود للمقتدرين ولسان حالهم يقول “المال ملحوق” إن كان في العمر بقية.
سيارات فارهة
السيارات الفارهة، حطت عجلاتها بالضعين، التي لم تعرف لها دروباً من قبل، فهي سيارات غريبة على المدينة وساكينيها.
ووصلت إلى عاصمة شرق دارفور مجموعة كبيرة من السيارات الفارهة على متنها افراد من قوات الدعم السريع المنسحبة من الخرطوم التي تشهد معارك ضارية بمدنها الثلاث،
رغم الهدن الموقعة بين المتحاربين في جدة بوساطة سعودية أمريكية، والتي لم تفلح في كبح جماح القتال، وعلّق الجيش مشاركت فيها مؤخراً.
وشاهد مواطنو الضعين مواكب من سيارات “اللاندكروز” الحديثة ملطخة بالطين يجوب بها أفراد الدعم السريع طرقات المدينة، وهم يلوحون بعلامات النصر.
وبحسب شود عيان تحدثوا لـ “جُبراكة نيوز” بلغ عدد تلك السيارات أكثر من (200) سيارة في الضعين، وأكثر من (100) سيارة في نيالا.
وبحسب منشورات على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، تعرَّض عدد كبير من سكان الخرطوم لعمليات نهب للسيارات والمنازل، بعد أن فرَّ أصحابها بسبب الحرب، وآخرين أنزلوهم من سياراتهم عنوة في الطرقات.
ولائم النجاة
شهدت الضعين مؤخراً إقامة عدد من “الكرامات”، وهي ذبح الخراف لتنظيم ولائم للأهالي “شكراً لله” بمناسبة وصول أفراد الدعم السريع سالمين،
وبحوزتهم غنائم حرب الخرطوم من مجوهرات وأموال وسيارات نهبوها من مواطنين وبنوك وشركات ومؤسسات حكومية وخاصة.
نهب مزدوج
وبدأت عصابات مسلحة، على طول الطريق الرابط بين عاصمة شمال كردفان مدينة الأبيض ومدينة الضعين، -بدأت في عمل كمائن مسلحة ضد أفراد الدعم السريع الفارين بالعربات المنهوبة،
وهم في طريق إلى الضعين لنهب السيارات المحملة بالمجوهرات والأموال، وحسب شهود عيان أن أخبار نهب الفارين تصل إلى الضعين يوميا بأكثر من حادثة.
مصير المُلاك
نيالا وصلتها أكثر من (100) سيارة فارهة حديثة رباعية الدفع شاهدها المواطنون في أحياء (الرياض، المستقبل، المطار، التضامن، سوق الملجة، وسوق المواشي)
وهي تقع في الجزء الشمالي الشرقي لنيالا التي يسيطر عليها الدعم السريع منذ اندلاع الحرب.
وبدأت تلك السيارات تجوب شوارع الأحياء التي يسيطرون عليها، ونظرات المجتمع
تقول إنها منهوبة وتسأل همسا عن مصير أصحابها هل هم أحياء أم قتلوا بنيران الدعم السريع في رحلة بحث عن الديمقراطية –كما تدعي قوات الدعم السريع وقائدها- انتهت بهم إلى منازل المواطنين.
نظرة مجتمعية
معظم الناس في دارفور يبغضون المال الحرام –بحكم تدينهم والضوابط الأخلاقية المجتمعية- وينظرون إلى غنائم الدعم السريع باعتبارها مالاً حراماً، ولا تجوز عمليات البيع والشراء عبرها.
فبالرغم من أن سعر سيارة صالون صغيرة من ماركات (أفانتي، فيرنا، اكسنت، وكيا) وصل إلى (200) ألف فقط، رغم ذلك لا يرغب فيها أحد بسبب أنها مسروقة، وخشية النهب مرة أخرى من ذات العصابات التي مازالت تستحوذ على سوق السلاح والمخدرات وكل الممنوعات تحت حماية قوات الدعم السريع بدارفور.
صمت الإدارة الأهلية
يبدو أن الإدارة الأهلية في دارفور عامة، وبشرق دارفور خاصة، فضَّلت الصمت وعدم إدانة قوات الدعم السريع على الجرائم التي ترتكب ضد السودانين، بحسب قول الباحث المجتمعي آدم سليمان حسين.
ويشير حسين في حديثمع “جُبراكة نيوز” إلى أن القبائل التي شارك أفرادها في هذه الجرائم، إن كانت داخل مدن
نيالا والجنينة، ومدينة زالنجي -التي تم استباحتها بالكامل- أو العاصمة الخرطوم، عليهم أن يتدخلوا ويدينوا هذ الفعل الذي وصفه حسين بـ “القبيح” الذي لا يشبه أخلاق السودانيين وليس بالتفاخر والتباهي باهانة المواطنين ونهبهم، حسب ما قال