سودانيون يبيعون عقاراتهم لتلبية الاحتياجات المعيشية
انعكست الأوضاع الاقتصادية على سوق العقارات في السودان، حيث فقدت المباني حوالي 50 في المائة من قيمتها السوقية خلال الفترة الماضية، وتفوّق العرض على الطلب بنسبة 30 %
وأرجع أصحاب مكاتب عقارات زيادة العرض إلى إقبال المواطنين على بيع عقاراتهم أو أجزاء من منازلهم من أجل تلبية الاحتياجات المعيشية، وسط موجات الغلاء الفاحش وضعف الدخول
ولجأ سودانيون، خلال الفترة الأخيرة، إلى بيع عقاراتهم واستئجار أخرى أو استبدالها بوحدات سكنية أقل قيمة في مناطق تنعدم فيها الخدمات
من أجل الاستفادة من الفارق المالي لتغطية نفقات الغذاء والتعليم والصحة، كما أثر تدهور الأوضاع الاقتصادية واتساع دائرة الركود سلباً على العاملين في القطاع العقاري، حيث هجر بعضهم المجال
وفي هذا السياق، يقول صاحب مكتب عقارات محمد عوض الله لـ”العربي الجديد” إنه رغم تراجع أسعار العقارات في البلاد إلا أن انحسار الطلب أجبر كثيرين على تخفيض القيمة السوقية إلى أدنى مستوياتها.
وأضاف عوض أن العاملين في مجال العقارات تأثروا بحالة الركود المتفاقمة في الأسواق، حيث أغلقت كثير من المكاتب العقارية أبوابها هربا من الضريبة والرسوم والإيجارات العالية.
ووفق صاحب مكتب العقارات فإن أسعار العقارات انخفضت بواقع النصف ولكن من غير مشترين، موضحاً أن البلد يمر بمرحلة انعدام للسيولة وتدهور كبير في القدرة الشرائية للمواطنين.
وأضاف أن الكل يشتكي من ضيق الحال والمعيشة، مبينا أن البعض بدأ في عرض أجزاء من منازلهم للبيع بأقل الأسعار، في حين يعرض آخرون جزءا من المنزل للإيجار لمواجهة المتطلبات المعيشية.
وقدّر مختصون انخفاض أسعار الأراضي والعقارات في بعض المناطق بنسبة 30% خلال الفترة الأخيرة.
وعزا أصحاب مكاتب عقارات وسماسرة الانخفاض إلى تراجع الطلب، فضلاً عن شح السيولة وانعكاس الأوضاع السياسية والاقتصادية التي تعيشها البلاد على مختلف القطاعات، بما فيها سوق العقارات.
كما تراجع الطلب على الشقق المفروشة والفنادق، إذ أرجع مسؤول في أحد الفنادق، مزمل عبدالله، في حديثه لـ”العربي الجديد”، عزوف الزبائن عن استئجار غرف بالفنادق والشقق في قلب الخرطوم، إلى الاضطرابات الأمنية والإغلاقات وتدهور الأوضاع المعيشية.
ويأتي انخفاض أسعار العقارات على الرغم من ارتفاع الرسوم الجمركية والخدمية بنسب كبيرة خلال العام الحالي،
وتضاعفت أسعار مواد البناء والتكاليف، مما أدى إلى خسائر كبيرة للمقاولين وأصحاب مكاتب العقارات وخروج أعداد كبيرة من السوق.
وقال المقاول الذي يعمل في قطاع العقارات منذ سنوات عدة، إسماعيل ياسين، لـ”العربي الجديد”، إن الطلب على تنفيذ المباني الجديدة تراجع بأكثر من 80% خلال العام الحالي.
وأوضح أن بناء منزل جديد لم يعد ضمن أولويات المواطن في الوقت الحالي، بسبب ارتفاع تكاليف البناء والحاجة لمواجهة الاحتياجات التعليمية
والمعيشية المتزايدة. كما توقفت حركة البناء في القطاعات غير السكنية، خصوصا القطاع الصناعي الذي شهد خروج أكثر من 70% من المستثمرين فيه، حسب ياسين.
ويشير أستاذ الاقتصاد في الجامعات السودانية العباس علي، إلى أن الدولة أصبحت تعاني اقتصادياً وسياسياً لعدم وجود رؤية واضحة،
مرجعا التدهور في القطاعات المختلفة ومنها العقارات إلى عدم الاستقرار السياسي، والذي أدى إلى انخفاض معدل دخل الأفراد وبالتالي تراجع القدرة الشرائية.
وبحسب علي فإن سياسات الإصلاح التي جرت تحت ضغوط البنك وصندوق النقد الدوليين،
كان أثرها سلبياً وأدت إلى ارتفاع معدل التضخم وركود الأسواق، وبالتالي دخول مختلف القطاعات الاقتصادية في دوامة الخسائر
نقلاً عن العربي الجديد