الخرطوم-الموجز السوداني
تفشت ظاهرة المواد الغذائية الفاسدة ومنتهية الصلاحية في السودان، إذ باتت تغرق الأسواق في مختلف أنحاء البلاد في الآونة الأخيرة، الأمر الذي يرجعه مواطنون وخبراء اقتصاد إلى انتشار التهريب عبر المناطق الحدودية، فضلا عن استغلال بعض التجار الوضع الاقتصادي الحرج الذي تمر به البلاد، لتمرير سلع غير مطابقة للمواصفات بأسعار رخيصة.
بين الحين والآخر تعلن السلطات السودانية عن ضبط عشرات الأطنان من المواد الغذائية الفاسدة، إلا أن واقع الأمر يظهر أن الكميات التي يجري ضبطها تشبه “العينات” مقارنة بما تشهده الأسواق واقعياً إذ تعج بالكثير من السلع منتهية الصلاحية.
ودرجت بعض الجهات على إعادة تعبئة السلع منتهية الصلاحية بأسعار أقل من سعر السوق، الأمر الذي دعا جمعيات حماية المستهلك إلى اتهام الجهات المعنية بالمواصفات والمقاييس بالتقصير وعدم تطبيق القانون بصورة أكثر صرامة في ظل مناداة الكثيرين بالتدخل الرسمي لحماية المواطن من الغش التجاري.
تقول آسيا إدريس، ربة منزل، لـ”العربي الجديد” إنها تذهب إلى السوق لتشتري سلعاً غذائية ولا تنظر في الغالب إلى صلاحيتها أو عدمها ولكنها تنظر إلى الأسعار المناسبة، مضيفة: “هناك غياب تام لدور الحكومة في هذا الأمر بجانب غلاء الأسعار، ما يجعلنا نبحث عن الأسعار الرخيصة”.
وتابعت: “للأسف كثير من ضعاف النفوس يستغلون الوضع ويبيعون سلعاً منتهية الصلاحية، لو كانت هناك رقابة في الأسواق ومحاسبة التجار على أفعالهم فلن تكون هناك سلع مغشوشة أو منتهية الصلاحية”
وفي أحد أسواق العاصمة الخرطوم، يفترش بائع السلع الغذائية محمد آدم قارعة الطريق. يقول آدم لـ”العربي الجديد” إن صغار التجار والباعة المتجولين يحصلون على بضائعهم من بعض الشركات عبر وسطاء وسماسرة لبيعها في الأسواق”.
يضيف: “لعدم وجود عمل لدينا نعمل في بيع هذه السلع للمواطن، وفي بعض الأحيان نحذرهم من تخزينها لفترات طويلة والكثير من المشترين يعلمون مدى صلاحيتها”.وتشير مصادر تجارية إلى أنه مع زيادة نسبة الفقر، يضطر كثيرون إلى شراء سلع غذائية مستوردة رخيصة الثمن، مما يؤدي إلى بقاء عجلة الاستيراد هذه دائرة.
لكن مسؤولاً في الجمعية السودانية لحماية المستهلك، طلب عدم ذكر اسمه يقول إن “ما تشهده الأسواق من سلع غذائية فاسدة مجرد مخالفات يتم السيطرة عليها من حين إلى آخر”. ويضيف أن “استيراد مثل هذه السلع يرجع إلى جهل وجشع بعض العاملين في الاستيراد، وعلى المستهلك أن يكون رقيباً بنفسه”.
في المقابل يزداد الوضع المعيشي سوءاً بفعل عدم الاستقرار السياسي وتهاوي سعر العملة الوطنية وإجراءات رفع أسعار الطاقة، فضلا عن تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا التي ألقت بظلال سلبية واسعة على إمدادات الكثير من السلع الأساسية لاسيما القمح وتسببت كذلك في ارتفاع أسعار الطاقة عالمياً.
يقول الخبير الاقتصادي مهند الباقر لـ”العربي الجديد” إن انشغال المسؤولين بالشأن السياسي أدى إلى ظهور ما وصفها بـ”مافيا الاقتصاد” التي تعمل في كافة المجالات وتستغل احتياجات المواطنين”.
ويعاني السودان من أزمة اقتصادية طاحنة وغلاء في المعيشة بعد إقرار السلطات إجراءات اقتصادية مدعومة من صندوق النقد الدولي، تضمنت رفع الدعم عن العديد من السلع الأساسية والوقود
وتأتي الزيادة وسط مصاعب اقتصادية كبيرة تعاني منها البلاد، أدت إلى انهيار ملحوظ في سعر صرف العملة المحلية حيث يجرى تداول الدولار الواحد عند 620 جنيهاً في السوق الموازية.