تدني الرواتب ..يحول أساتذة جامعات إلى (دهابة)  

الخرطوم –الموجز السوداني

اضطر  الاستاذ المساعد في جامعة دنقلا عبد الحفيظ حسن حسب الله، الأستاذ المساعد في جامعة ”دنقلا“ في السودان، للعمل في بناء المنازل تارة وفي الأسواق تارة أخرى؛ لمواجهة المتطلبات الحياتية الملحة، بعدما عجز الراتب الضعيف عن تغطيتها.

وحسب الله، هو واحد من مئات أساتذة الجامعات بالسودان، الذين توقفوا عن العمل ودخلوا في إضراب متواصل لأكثر من شهرين؛ احتجاجا على ضعف الأجور، في وقت تتصاعد فيه الأسعار بالأسواق بشكل مستمر.

ويتقاضى الأستاذ الجامعي في السودان صاحب أعلى درجة وهي ”البروفيسور“، راتبا قدره 55 ألف جنيه، (ما يعادل 90 دولار)، بينما يتقاضى صاحب أدنى درجة ”المحاضر“ راتبا قدره 30 ألف جنيه (نحو 50 دولار).

وقال حسب الله لـ ”إرم نيوز“ إنه ”أستاذ مساعد بكلية التربية في جامعة دنقلا، وأب لخمسة أبناء، يتقاضى راتبا شهريا، بالكاد يكفي مصروفه لمدة أسبوع“.

وأضاف: ”اضطررت للعمل كعامل باليومية في بناء المنازل، حتى أستطيع تغطية تكاليف المعيشة، ومع ذلك هذا العمل غير متوفر بشكل دائم، ذهبت لصاحب محال صيانة أدوات كهربائية وطلبت منه العمل معه واكتساب خبرة في هذا المجال، لكنه للأسف اعتذر

وأردف حسب الله: ”من المؤسف أن يخرج مثل هذا الحديث إلى الإعلام، وعلى مجلس السيادة التدخل وإلزام وزارة المالية بالاستجابة لمطالب زيادة أجور أساتذة الجامعات

ومنذ يناير الماضي تقود لجنة أساتذة الجامعات السودانية ”لاجسو“ إضرابا شاملا عن العمل، مطالبة برفع الأجور إلى 762 ألف جنيه (حوالي 1250 دولار) في حدها الأعلى، و 242 ألف جنيه، (حوالي 400 دولار) في حدها الأدنى، وذلك حسب دارسة أعدتها لجنة مشتركة مع وزارة المالية ومجلس الوزراء قبل عامين، بناء على التكاليف المعيشية والأكاديمية وقتها.

وقال عضو اللجنة الدكتور فضل الله مصطفى البشير، لـ ”إرم نيوز“ إن ”مجلس الوزراء وافق على دراسة الأجور في 2020، لكن لم يتم تنفيذها حتى الآن؛ الأمر الذي جعل الأساتذة يدخلون في إضراب شامل منذ كانون الثاني/يناير الماضي“.

وأوضح أن ”آخر اجتماع بخصوص الأجور انعقد، الثلاثاء، بين اللجنة ووزارتي التعليم العالي والمالية، حيث أكدت فيه الأخيرة أن تطبيق الهيكل الراتبي مشروط بإدخال إيرادات الجامعات لوزارة المالية“.

ولفت البشير إلى أن ”وزارة المالية قالت إنها غير مسؤولة عن تمويل هيكل أجور أساتذة الجامعات، وأن علاقتها مع التعليم العالي قائمة على الدعم وفقا لمقدرة المالية وليس حاجة التعليم العالي“.

ونوّه إلى أن ”هنالك أساتذة امتهنوا مهن هامشية، في السوق وبعضهم سائق أجرة، والبعض طرد من منازل الإيجار وآخرين نقلوا أبنائهم من مدارسهم الخاصة إلى مدارس حكومية“، لافتا إلى ”وجود هجرة واسعة وسط أساتذة الجامعات مما ينعكس مستقبلا على التعليم العالي بشكل سالب.

التنقيب عن الذهب

وغادر حامد محمد صالح، وهو أستاذ محاضر بكلية العلوم الإدارية في جامعة غرب كردفان، قاعات التدريس، وذهب إلى الصحراء منقبا عن الذهب، ضمن آلاف السودانيين الذين دفعتهم الحاجة إلى البحث عن أرزاقهم في ما يعرف بالتعدين الأهلي.

وقال صالح لـ“إرم نيوز“ عبر الهاتف من مناجم التعدين الأهلي بشمال السودان، إنه ”غادر الجامعة منذ شهر بحثا عن مصدر رزق بديل، لجهة أن الراتب الجامعي تراجعت قيمته وأصبح لا يكفي لأيام، وأنه لن يعود إلى التدريس في الجامعة مرة أخرى ما لم يتم تعديل هيكل الأجور، ويتضمن زيادة تجعل الأستاذ الجامعي يعيش حياة كريمة“، مبينا أنه ”ليس لدينا طموحات شخصية عالية، فقط نريد توفير السكن والحياة الكريمة لنتفرغ بعدها لخدمة المجتمع والبحث العلمي، لكن للأسف هذه الأحلام البسيطة غير ممكنة“.

وفاقم إضراب الأساتذة من أزمة تكدس الطلاب في الجامعات، الذي بدأ مع عدم الاستقرار السياسي في أواخر عهد الرئيس المخلوع حسن البشير، مرورا بالإغلاق بسبب وباء كورونا، حيث تراكمت أربعة دفعات في بعض الجامعات.

ويعاني السودان من أوضاع اقتصادية وسياسية متردية، بالإضافة إلى احتجاجات شعبية متكررة منذ 4 أشهر، فيما أعلن بنك السودان المركزي الأسبوع الماضي توحيد سعر صرف الجنيه السوداني، ومنح المصارف وشركات الصرافة تحديد وإعلان أسعار بيع وشراء العملات الحرة دون تدخل منه في عملية تحديد الأسعار.

وأعلن السودان، يناير الماضي، بلوغ عجز الموازنة العامة للدولة لعام 2022 نحو 363 مليار جنيه، أي ما يعادل نحو 800 مليون دولار.

وعقب إجراءات رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، أكتوبر الماضي، ضد الشركاء المدنيين في الحكم، أعلنت الولايات المتحدة إيقاف مساعدات بقيمة 700 مليون دولار، من صناديق الدعم الاقتصادي الطارئة للسودان على الفور، التي كانت تهدف إلى دعم التحول الديمقراطي في البلاد

قد يعجبك ايضا
الموجز السوداني
error: Content is protected !!