الدولار ..ماوراء الصعود المفاجئ

تقرير – أحمد قسم السيد

في الوقت الذي أطاح فيه رئيس مجلس السيادة، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، بمحافظ البنك السودان المركزي محمد الفاتح زين العابدين من منصبه،يستأنف فيه الجنيه السوداني رحلة تهاويه المريعة أمام سلة العملات الأجنبية بعد تحسن طفيف طرأ عليها في أعقاب قرارات وزارة المالية حول صادر الذهب في منتصف الشهر الجاري. ومنذ 25 أكتوبر الماضي ظلت تشهد قيمة الجنيه مقابل العملات الأخرى تراجعاً مستمراً وصل إلى نحو 550 جنيهاً للدولار الواحد، وذلك بعد وقف دول ومؤسسات تمويل دولية مساعدات مالية واقتصادية بدأت تقديمها لحكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك مع بداية العام 2020. ومع تدني قيمة الجنيه، شهدت الأسواق السودانية تصاعداً في أسعار السلع الضرورية والخدمات.

أسباب الارتفاع

وكشفت جولة قامت بها (الحراك) عن انتشار بصورة مكثفة لصغار المضاربين بمناطق متفرقة بقلب العاصمة الخرطوم وهم ينادون المارة  بالسيارات صرف صرف، ويلوحون بالعملات المحلية ذات الفئات الكبيرة لشراء موارد النقد الأجنبي. وطبقاً لمتعاملين تحدثوا لـ(الحراك) فإنه جرى تداول الدولار الواحد خلال تعاملات أمس الجمعة “550” جنيهاً مقارنة بـ  445 جنيهاً، في أعقاب قرارات حكومية بشأن صادر الذهب، وأرجع المتعاملون معاودة تدني قيمة الجنيه لنقص المعروض من العملات الأجنبية وزيادة الطلب من بعض الجهات بعضها لحفظ رؤوس الأموال وبعض الآخر للاستيراد والهجرة المستمرة من بعض الشباب بغرض العمل أو الدراسة حتى هذه اللحظة، مما أدى بحسب المضاربين  لارتفاع سعر الصرف بالصورة الحالية، وتوقعوا أن يستمر الارتفاع خلال الأيام القادمة لأن هناك طلباً متزايداً على الدولار، وتوقعوا استمرار تدهور الجنيه حال استمرار تردي الأوضاع وزيادة الطلب على العملات الأجنبية.

باب الاستيراد

بالمقابل فندت وزيرة التجارة المكلفة آمال صالح، ما وجه للوزارة من اتهامات بأنها وراء تصاعد سعر الصرف بالسوق الموازي، بسبب فشلها في ضبط حركة الاستيراد، وفتحها لباب الاستيراد على مصراعيه لكل من دهب ودب، وقالت صالح لـ(الحراك) التجارة ماعندها علاقة برفع سعر الدولار على الاطلاق، وأضافت بأن الوزارة  ما فاتحة باب الإستيراد على مصراعيه حتى يرتفع الدولار، بل  العكس الاستيراد يتم عبر مزادات من البنك المركزي وعبر حصائل الصادر. وتابعت صالح أن وزارة التجارة واحد من مسؤوليتها استرداد حصائل الصادر للبنك المركزي، وتساءلت بالتالي كيف نكون وراء تصاعد سعر الدولار.

إيقاف تحويلات مصرفية

وفي ذات السياق كشف مصادر مصرفية، لـ(الحراك) عن توقف تبديل العملة وتحويلات المغتربين، إضافة إلى وجود سحب  مبالغ ضخمة من موارد النقد الأجنبي من داخل البنوك بسبب التصاعد المستمر لأسعار العملات الأجنبية بالسوق الموازي، واتساع الفارق بين السعرين الرسمي والموازي في حدود “60” جنيهاً.

مضاربات غير معقولة

بالمقابل كشف اتحاد الغرف التجارية، عن مضاربات وصفها بـ”غير المعقولة” بالسوق الموازي حدثت بسبب قلة المعروض من النقد الأجنبي، وزيادة الطلب مما ساهم في إحداث طلب غير متوازن. ودعا الأمين العام للاتحاد الصادق جلال الدين صالح، الدولة في أعلى مستوياتها إلى التدخل الفوري والحاسم في ملف التدهور غير المسبوق للجنيه السوداني. وشدد الصادق على أهمية التعامل الحاسم مع المضاربين وإحكام السيطرة على الأسواق. ووصف ما يحدث في ملف سعر الصرف بالكارثي بمعنى الكلمة. واتهم جلال السياسات التي أصدرها بنك السودان مؤخراً والخاصة بالصادرات الزراعية وصادر الثروة الحيوانية، بلعب دور في تقليل عرض النقد الأجنبي بالإضافة إلى منشور الاستيراد الذي يمنع استخدام الموارد الذاتية الذي أدى إلى خلق طلب لا داعي له .

الهاوية

وانتقد جلال في تصريح صحفي تلقت (الحراك) نسخة منه أمس  بعض الممارسات التي تتم بأسواق الذهب، على خلفية منشور الذهب الجديد الذي جعل مشترين يشترون الذهب بأعلى من الأسعار العالمية لاستخدامه في جلب سلع  أكثر ربحية. ونوه إلى أن هذه الممارسات تنعكس سلباً على المنافسة وتضر بعملية التجارة الخارجية، وتؤدي إلى ارتفاع المستوى العام للأسعار ومعدلات التضخم والتي بدورها تنعكس سلباً  على قيمة الجنيه السوداني . وقال  جلال  نحن للأسف دائماً ما ندخل في حلقات مفرغة تاريخيًا وندفع ثمن السياسات الخاطئة التي تصدر من الممسكين بالملف الاقتصادي دون الالتفات لرأي القطاع الخاص. وتساءل جلال لمصلحة من يتم تدمير الاقتصاد من خلال نشاط المضاربين الجرئ داخل الأسواق، مطالباً بتدارك الأمر بأسرع مايمكن والتدخل الفوري لتعديل كل السياسات الخاطئة التي تحد من العرض وترفع الطلب، وحذر من التراخي في معالجة هذا الملف الذي يؤدي إلى السير بسرعة نحو الهاوية على حد تعبيره.

قد يعجبك ايضا
الموجز السوداني
error: Content is protected !!