الخرطوم: الموجز السوداني
وصم صندوق النقد الدولي، الأوضاع بالسودان بالهشة، بوجود العديد من المخاطر، وانخفاض الإيرادات المالية.
في حين جاء في عقد اتفاق مع الحكومة مدته 39 شهراً لتقديم التسهيل الائتماني الممدد والمكون من 65 صفحة، تحصلت عليه صحيفة الانتباهة الصادرة اليوم أن الصندوق عقد جلسات مع الحكومة ومسؤولين منهم وزير المالية جبريل إبراهيم، ومحافظ البنك المركزي محمد الفاتح، ووزيرة المالية المكلف السابقة هبة محمد.
في خضم ذلك، شرح العقد كل المطلوبات من الحكومة، ونقاط الضعف، والاشتراطات، والتعليقات الفنية حول الاقتصاد السوداني والمشاكل والنقاط السلبية والاشتراطات الواجبة التنفيذ.
وأوضح صندوق النقد، في عقد الاتفاق استهلاك دعم الطاقة لجزء كبير من الميزانية، بجانب وجود احتياجات تنموية كبيرة، فضلاً عن اعتماد السودان على المنح، ومعاناة السودان من ضعف القدرات المؤسسية وآليات جمع البيانات وإبلاغها.
أما توقعات الصندوق حول معدل النمو، فجاءت، “معدلات نمو محدودة” خلال 2012م، وتقديرات تشير إلى انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة 3.6 بالمئة.
في ذات الحين، كشف الصندوق عن تجاوز الإيرادات الضريبية مستواها المستهدف في الموازنة، وتراجع فاتورة الأجور عن مستواها المتوقع بسبب نقص الموارد والقيود الإدارية، وانخفاض الإنفاق الاجتماعي عن المستهدف نتيجة التأخر في برنامج دعم الأسر السودانية.
ورأى الصندوق، إحداث تأثر وصفه بالمحدود لتوحيد سعر الصرف في فبراير2021م، حيث لم تتجاوز التحركات اليومية 5% من السعر الاسترشادي.
في اتجاه متصل، اشترطت بنود العقد بين الحكومة والصندوق، الذي مدته 39 شهراً، لدعم السياسات على المستوى المتوسط خلال الفترة بين نقطة اتخاذ القرار ونقطة الإنجاز “غير محددة التوقيت”، في إطار مبادرة “هيبك”، الحد من دعم الطاقة “التشويهي” المكلف مع الاستمرار في تنفيذ شبكة الأمان الاجتماعي، وتعبئة المزيد من الموارد المحلية، وتعزيز الدور الرقابي لوزارة المالية على المؤسسات المملوكة للدولة، ودعم التحول إلى سعر صرف أكثر مرونة.
بالتوازي مع ذلك، اشترط تعزيز القطاع المالي من خلال تنفيذ نظام مصرفي مزدوج، وإتاحة بيئة أكثر تمكيناً للقطاع الخاص، وتنفيذ استراتيجية الحد من الفقر بشكل كامل ومُرضٍ، وإصدار قانون الإجراءات المالية والمحاسبية المعدل 2007م، ونشر القوائم المالية الموحدة للحكومة العامة لعام 2012م، بنظام سنوي وشهري وكل 3 أشهر.
مع ذلك، حدد الصندوق في العقد، نشر القائمة الكاملة للمؤسسات المملوكة للدولة بما في ذلك قطاع المخابرات، والنشر السنوي اعتباراً من 2020م، للحسابات النهائية لعدد متزايد من المؤسسات المملوكة للدولة عقب مراجعتها بمعرفة مراجع خارجي، وضمان تسجيل جميع الإقرارات الضريبية المقدمة من كبار الممولين، وتعزيز نظام المشتريات الحكومية، وإصدار قانون المشتريات المعدل، وتحسين الشفافية حول المشتريات الحكومية بالنشر الدوري.
على جانب مواز رسم الصندوق، نقاطاً واجبة التنفيذ في العقد، تتمثل في تحسين الاستدامة الاقتصادية وآفاق نمو قطاع الكهرباء، وتعزيز نظام الحماية الاجتماعية بإنشاء سجل اجتماعي وطني ليكون دليلاً أساسياً للأسر الفقيرة والضعيفة المستحقة للحماية الاجتماعية، وتعزيز نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب من خلال إجراء تقييم وطني لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب ونشر نتائجه بصورة ملائمة على المؤسسات المالية ومجموعة محددة من الشركات والمهن غير المالية والمواطنين.
وأكد الصندوق في متن العقد، عدم مواكبة إلغاء دعم البنزين والديزل نهاية 2020م، لأسعار التجزئة في الآونة الأخيرة للأسعار الدولية المتزايدة، مما أدى إلى عودة الدعم الجزئي.
وفق ذلك التطور، حدد العقد، إرساء الأساس اللازم لإلغاء دعم قطاع الكهرباء قبل 2024م، واعتبر أن قانون الكهرباء المعدل سيكون بمثابة أداة مكملة لإلغاء الدعم.
في سياق متصل، أظهر العقد تعهد الحكومة، بإلغاء جميع إعفاءات القيمة المضافة ما عدا إعفاءات الغذاء وإعفاءات ضريبة الدخل الشخصي للأشخاص الذين يتجاوز عمرهم 50 عاماً في سياق هيكل تصاعد لضريبة الدخل الشخصي “قاعدة معيارية لنهاية ديسمبر 2021م”.
وطالب الصندوق بتعديل السياسة الضريبية مدعومة بجهود لتحسين القدرات المحدودة للجهات المنوطة بتحصيل الإيرادات، وشدد على استقلالية البنك المركزي، وقدرته الرقابية، ودعا لتسهيل تطبيق نظام لاستهداف الاحتياطي النقدي.
وأوجب الصندوق في العقد على الحكومة، تقديم إبلاغ بيانات بمذكرة التفاهم الفنية بقدر الإمكان بالصيغتين المطبوعة والإلكترونية إلى المكتب المحلي للصندوق وتقديم البيانات منذ 2020م، مع الإشارة إلى بيانات الأشهر الماضية، وتشمل تواتر بيانات شهري حول الميزانية العمومية للبنك المركزي، واستمارة 1sr الخاصة بالبنك، والمسح النقدي 2sr الخاصة بشركات الإيداع الأخرى، بجانب الإقراض الشامل من بنك السودان للحكومة.
وتجيء مطلوبات أخرى أيضاً، تشمل بيانات شهرية عن التدفقات النقدية للعملات الأجنبية والمؤشرات المصرفية، وسعر الصرف يومياً ويحتوى على سعر الصرف الاسترشادي الصادر من البنك المركزي وسعر الصرف في السوق السوداء “سعر المشتري+ سعر البيع”.
كما حدد الصندوق، تواتر بيانات ربع سنوية حول ميزان المدفوعات، وبيانات شهرية حول الدين الخارجي وشهرية كذلك، بشأن عمليات الحكومة المركزية، وشهرية حول عائدات الخصخصة، وشهرية حول الدين المحلي، وشهرية حول متأخرات الأجور، والإنفاق الاجتماعي والدعم الخارجي والرقم القياسي لأسعار المستهلك.
وطلب بعث إرسال تقارير شهرية حول رسوم عبور النفط من جنوب السودان، والنفط الخام، والمبيعات لمصافي التكرير، وأسعار الوقود.
وكشف الصندوق في ملخص داخل العقد، عن اعتزام السلطات السودانية استخدام جزء كبير 964 مليون وحدة حقوق سحب خاصة أو 153 بالمئة، من حصة العضوية من حصيلة الدفعة الأولى التي تبلغ قيمتها 991.55 مليون وحدة حقوق سحب خاصة في سداد الفجوة المالية ليوم واحد لتسوية المتأخرات للصندوق.
كما أبان أن شفافية المالية العامة محدودة، وهناك عيون خطيرة في بيانات الإيرادات والنفقات والتمويل، في الوقت نفسه أكد أن الشفافية محدودة في المؤسسات المملوكة للدولة، وعمليات الولايات والدعم “الكهرباء- القمح- الوقود”، بينما نبه إلى تجاوزات حددها تقرير مراجعة الحسابات عام 2018م، في بنود الإيرادات والنفقات.
وأثار قطاع المؤسسات المملوكة للدولة مخاوف الصندوق في العقد، إذ أكد أن هناك مخاوف بشأن الحوكمة الضعيفة كما هو موضح بحسب الصندوق في تقارير ديوان المراجعة، وتحديداً افتقار المؤسسات المملوكة للدولة، في قطاع الدفاع بما في ذلك التي تعمل في إنتاج وتصدير الذهب والنفط والصمغ العربي والسمسم، إلى الشفافية ولا تخضع لإشراف وزارة المالية.
وأضاف الصندوق أيضاً، في تقرير مضمن بالعقد عن عملية التشخيص الجارية لحالة الحوكمة في السودان والاستنتاجات المبدئية، أن نظام المشتريات يفتقر إلى الاستقلالية في التنظيم والمتابعة وإدارة الشكاوى، بجانب وجود عقبات في الشفافية، وعدم وضوح إدارة الموارد الطبيعية في عقود التعدين والنفط التي تغطي المالية العامة “سرية”.
مع تلك الملاحظات، كشف الصندوق عن استخدام الإعفاءات والحوافز الضريبية على نطاق واسع، وذكر أن عدداً كبيراً من الإعفاءات والحوافز تهدف إلى تحقيق مجموعة واسعة من الأغراض وتمنح وفقاً لتقدير الوزراء.
ولفت إلى وجود ثغرات متعددة في الوظائف الرئيسية بإدارتي الضرائب والجمارك تحوي عدم وجود قاعدة بيانات موثوقة لتسجيل الممولين ومدونة لقضايا الفساد، ونوه إلى أن الإطار القانوني والتنظيمي لمكافحة الفساد، لا يتسم بالوضوح ولا يفي بالمعايير، وأضاف: “مسؤوليات وسلطات وضع تنفيذ إجراءات واستراتيجيات مكافحة الفساد محاطة بعدم اليقين، وكذلك آليات التمييز بين الفساد الذي تم في النظام القديم وأعمال الفساد الحالية”.