في الوقت الذي تتكاتف فيه المخاوف من انفصال دار فور والمنطقتين (جبال النوبة والنيل الأزرق )باعتبار القضايا التاريخية لهذه المناطق إضافة الى جنوب السودان سابقا والتى نتجت عنها حركات مسلحة وافرزت حروبات وانتهت باستقلال جنوب السودان عن الوطن الأم بنسبة تصويت على تقرير المصير تجاوزت 90% وفاجأت دعاة الانفصال قبل المراقبين وانتهت كذلك الى حصول دارفور لحق الحكم الإقليمي والمنطقتين للحكم الذاتى في هذا الوقت والذى تتكاثف فيه المخاوف من انفصال دار فور والمنطقتين لحاقا بالجنوب الذي ذهب تبدو رغم هذه المخاوف مناطق أخرى أكثر رغبة في الانفصال منها !
ان المتابع للمزاج العام لمجتمعات دار فور والنيل الأزرق وجبال النوبة يجده للمفارقة اقرب ميلا للوحدة على الرغم من دعاة الإنفصال باسمها وعلى عكس ذلك تماما مجتمعات الشرق وشمال السودان والتى طغى عليها مؤخرا الميل الشعبي العام للاستقلال عن باقي السودان وعلى عكس ما تقول به بعض من نخب الشرق والشمال !
لقد أصبحت مواقع التواصل الإجتماعي إضافة الى مجالس المدينة منابر لقياس الراي العام وأصبحت هذى المنابر تكشف عن الأصوات التى تتعالى يوما بعد الآخر في مجموعات الشمال والشرق المغلقة المنادية بالانفصال !
قد يعتقد البعض ان صوت الانفصال الشعبي في الشرق أكثر ولكن للمفارقة أيضا يبدو اليوم في الشمال هذا الصوت هو الأكثر وان ظل صوت الشرق الأعلى نسبة لبعض الأصوات ذات الوزن السياسي والأهلى التى تحمله ولكن حاصل جمع أصوات المجتمعات كما ذكرت عاليا في الشمال والشرق أكبر بكثير من مناطق دار فور وجبال النوبة والنيل الأزرق هذا غير عمليات التجسير الجارية بين الشمال والشرق فى هذا المطلب !
لا شك ان لكل ظاهرة أسباب تقف من ورائها وارتفاع وتزايد الأصوات الراغبة في الانفصال في الشرق والشمال عن بقية مناطق السودان لها أسبابها والتى يتلخص بعضها فيما أحسب في مخاوف هذه المجتمعات من الاستهداف خاصة بعد انتقال جزء كبير من مركز السلطة للأقاليم والاثنيات الأخرى نتيجة للمشاركة الكبيرة لقيادات الحركات المسلحة التى وقعت على اتفاقية جوبا والمشاركة المتوقعة لبقية الحركات التى لم توقع بعد وكلها من حيث النوع مشاركات تأتي خصما على ما كانت عليه تركبية السلطة في الماضى
إضافة للمشاركات النوعية الكبيرة لقيادات الحركات المسلحة في السلطة وما تبعه من مخاوف تنظر مجتمعات الشرق والشمال أيضا الى ما تعتبره ظلما في قسمة الموارد حسب اتفاقية جوبا هذه غير ما يمكن ان تأتى به الاتفاقيات اللاحقة من سلطة و ثروة اضافية لمناطق انطلاق الحركات المسلحة والتى لم توقع على اتفاق بعد مع الحكومة المركزية في الخرطوم !
هناك سبب آخر يتمثل في احساس مجتمعات الشمال والشرق الى حد ما بأن الصراع التاريخي ما بين مناطق دار فور وجبال النوبة والنيل الأزرق مع المركز والصراعات الأهلية داخلها لن تنتهي وانها من أسباب تخلف البلاد وان لا فكاك منها إلا بالفكاك من هذه المناطق
لا تستبعد من الأسباب ايضا استغلال النخب السياسية والأهلية في كل من الشمال والشرق والتى فقدت مزايا السلطة للأوضاع الراهنة وتروبجها لمطالب الانفصال ككرت من كروت الابتزاز السياسي للحصول على السلطة سواء على مستوي المركز او أقاليم الشرق والشمال او في انفصالها ان دعا الحال!
ان كثير من الردود الموضوعية وردود الأفعال والأقوال يمكن ان تقابل بها الأسباب أعلاه وغيرها وتفندها وهى بالضرورة ليست كلها صحيحة بالكامل ولكن مع احتمال صحة نسبة منها وان كانت قليلة لابد من معالجتها عاجلا للحفاظ على وحدة السودان في الوجدان أولا وقبل الأرض
بالنسبة لقضية التمثيل في السلطة فهي تهم في الشمال والى حد ما الشرق النخب أكثر من المجتمعات لذا لا أراها من القضايا الجوهرية مثل قسمة الموارد وشكل الحكم في البلاد وعليه أرى من الضروري اعادة قسمة ثروة الأقاليم من جديد خاصة وان اتفاقية جوبا تتسم بالمرونة التى تجعلها قابلة للمعالجات اللازمة على أن تكون نسبة قسمة الموارد متساوية او متقاربة على اقل تقدير أما بالنسبة لشكل الحكم فأعتقد أن الصحيح هو تعميم حق الحكم الإقليمي لكل مناطق السودان وليس الحكم الذاتي وذلك لغموض ومخاطر الأخير ووضوح الأول
نواصل ان دعا الحال