عدم تكوين جيش موحد .. (القنبلة الموقوتة)

 

الخرطوم : أحمد جبارة

 

لا شك ، بأن بناء جيش موحد يعد من الركائز المهمة لجهة إنه يساعد في تحقيق عوامل الامن والاستقرار في البلاد ، كما أن ذات الجيش الموحد بالنسبة للكثرين ، يجعل الدولة بأن يكون لها قيادة قتالية موحدة وهدف رئيسي وأحد ، في وقت حذر فيه أخرون من وجود أكثر من جيش داخل الدولة باعتباره يؤدي للتنازع في الاختصاصات والسلطات ، بجانب إنه يولد “الحساسيات” و”الاحتكاكات” بين القوات ، فضلا على إنه يكون ببئة خصبة للإختراق الامني الداخلي والخارجي .

 كثرة الجيوش

وتوجد في الخرطوم عدد من جيش الحركات المسلحة ، بجانب قوات الدعم السريع ، فيما يفترض أن تندمج ذات القوات في القوات المسلحة وذلك وفقا لبند الترتيبات الأمنية ، الذي هو جزء من برتكولات إتفقت عليها الحركات المسلحة مع حكومة الفترة الانتقالية في إتفاقية سلام جوبا . ومؤخرا ثارت مخاوف حول وجود هذه الجيوش في البلاد الامر الذي جعل البعض يحذر من نذر حرب بينها ، ففي مؤتمر صحفي أوضح رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة (يونيتامس) فولكر بيرتس، أن هناك ثمة تحديات حقيقية تواجه الانتقال في السودان، والتي أبرزها وجود عدد من الجيوش في البلاد وأصفا اياها “بـ المعيقة لتقدم البلد”، وفيما عبر فولكر عن قلقه إزاء التأخير في تنفيذ اتفاق سلام جوبا لا سيما مسالة الترتيبات الأمنية ، أشار في الوقت ذاته إلى أن هناك من يشير لتأخر تنفيذ بند الترتيبات الامنية لنقص في الموارد بينما يشير آخرون لنقص الإرادة السياسية، واعتبر بيرتس أن وجود عدة جيوش في دولة واحدة يمثل تهديدا لاستقرار البلد، ونادى بضرورة إيجاد خارطة طريق لبناء جيش واحد تحت مظلة الدستور ، واوضح ان خارطة الطريق التي يعنيها لا تكون قصيرة الأمد بل واقعية و متنامية معتبرا ان ذلك يتعلق بسيادة السودان.

خطورة الجيوش

وفي رده على سؤال (الجريدة) حول ما مدى خطورة عدم تكوين جيش موحد ؟ يقول -الخبير العسكري ، العميد ياسر أحمد محمد الخزين – إن الجيش النظامي لكل دولة هو صمام الأمان لأمنها الخارجي وإستقرارها الداخلي وما ذكر الضبط والربط والدقة والنظام إلا تبادر للأذهان الجيش وبالتالي تعدد الجيوش يعني تعدد الأوامر وتضارب التعليمات وهذا بدوره يؤدي للإخلال بمنظومة السلامة والأمن كما يقول المثل ( رئيسان غرقا المركب ) ، وفي رده على سؤال أخر فحواه ، هل هنالك عقبات في تكوين جيش قومي موحد؟ يجيب الخبير العسكري قائلا : العقبات كثيرة أوجزها في الآتي :بداية عدم توفر التمويل الكافي لعملية الإستيعاب والتسريح والدمج وهو ما ظل عقبة كؤود منذ إتفاقية (أنانينا ون) مروراً بنيفاشا وأخيراً بإتفاقية جوبا ودونك تصريحات سعادة الفريق الركن خالد عابدين الشامي مسؤول بند الترتيبات الأمنية بإتفاق جوبا الذي وضع الكورة أمام وزارة المالية ورعاة الإتفاقية من المجتمع الدولي والدول الشقيقة والصديقة ، أضف لذلك تشدد بعض قيادات الحركات الموقعة على إتفاقيات والممانعة كحركتي الحلو وعبد الواحد نور على عملية الإستيعاب لكوادر هذه الحركات برتب عليا دون التقيد بالقواعد والشروط لعملية الإستيعاب والمواصفات الفنية والتأهيلية .

رسالة تطمين

وتابع ، السودان الآن لايحتاج لبندقية إنما يحتاج لعقول تفكر وتدبر وتنتج وتصنع ومن العقبات أيضاً تمترس الكثير من الحركات خلف لافتات القبيلة والجهوية وهذه لاتبني جيش حركة دعك من جيش وطن وختاما إصرار كل جهة بعدم تذويب جيشها في الجيش القومي وتوزيعها علي فرقه وألويته وشعبه ووحداته المختلفة فماذا يعني إنتماؤك للجيش إسما ولك إستغلاليتك الداخلية كاملة وماهو الهدف من وراء ذلك ؟ ، وتساءل ايضا ، هل اللجنة التي شكلها النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الفريق حميدتي تضم جيوش الحركات الموقعة على السلام؟ قبل أن يجيب على السؤال بنفسه بالقول ، إن كانوا ضمن قوات حفظ الأمن قبل إستيعابها الحقيقي بالقوات النظامية أرجو أن يراجع هذا القرار فالكثير من المنتسبين لبعض هذه الحركات يحتاجون في أنفسهم لمن يضبط تصرفاتهم ويقوم سلوكهم وأما إن فهمت بخلافه فالقرار أعده صحيحا وإن تأخر عن أوانه ، وتابع ، أما عن وجود عدد من الجيوش بالخرطوم كان الأولى ترك جيش كل حركة بموقعه حتي تكتمل كافة المطلوبات والإعدادات لعمليات الإستيعاب والتسريح والدمج وطالما لم يحدث ذلك فوجود هذه الجيوش بالنظر إليه من زاوية وجود كل العتاد الحربي تحت بصر ورصد هيئة الإستخبارات العسكرية هذه محمدة لأمن الكثير من الشرور إذ أي بادرة لأي تفلتات أو أحداث شغب وعبث بالأمن والاستقرار تعني نهاية المطاف لهذه الجهة وكتابة آثار محوها من الأرض فلا مقارنة البتة بالقوات المسلحة السودانية وأي حركة مهما كانت قوتها وعتادها فهذه رسالة تطمين أبعثها للكثيرين الذين يتوجسون خيفة من إنفراط عقد الأمن في ظل هذه الجيوش فأقول لهم ، إن القوات المسلحة لازالت بخير وستظل بإذن الله بفضل إخلاص منسوبيها وحسن إدارة وكفاءة قياداتها وجودة تدريب منسوبيها.

 عقبات التكوين

بينما يشدد الخبير الامني طارق محمد عمر على ضرورة ان يكون للدولة جيش واحد تحت قيادة واحدة لجهة أن ذلك يوحد العقيدة القتالية والتدريب والزي والتسليح وتناسق الخطط ووحدة الهدف والسرية ، وقال عمر لـ(الجريدة ) : إن وجود اكثر من جيش داخل الدولة يؤدي لتنازع الاختصاص والسلطات ويولد الحساسيات والاحتكاكات بين القوات ، بجانب إنه يكون بيئة خصبة للاختراق الامني الداخلي والاجنبي ، وحول سؤال ، هل ثمة عقبات تواجه توحيد الجيش الموحد؟ يقول طارق : العقبة الاساسية التي اخرت دمج وتسريح القوات هي المال بعد اخلفت الجهات المانحة ما وعدت به من دعم مالي .

دمج فني

يقول المحلل السياسي الفاتح محجوب في مجمل إفادته لـ(الجريدة ): إن اتفاقية جوبا للسلام حددت كيفية إدماج جيوش الحركات المسلحة في الجيش السوداني ، وبالتالي لا توجد مخاوف من وجود الحركات المسلحة خاصة في ظل التفوق الكبير للجيش السوداني وقوات الدعم السريع علي مجموع كل تلك الحركات المسلحة ، وتابع ، أما دمج الدعم السريع في الجيش فهي مسألة فنية لأن معظم ضباط الدعم السريع هم ضباط منتدبين من الجيش وجهاز الأمن ، كما إنه يخضع في كل عملياته للقيادة العليا للقوات المسلحة وبالتالي هو فعليا جزء من القوات المسلحة لكنه يتميز بوضع خاص مشابه للحرس الجمهوري في مصر وفي العراق سابقا .

قد يعجبك ايضا
الموجز السوداني
error: Content is protected !!