ها نحن نقترب من نهاية المعركة، وقد بدأ فجر النصر يلوح في الأفق، معلنًا أن السودان عصيٌّ على الانكسار، وأن جيشنا الوطني الباسل قد كتب صفحات المجد بدمائه الطاهرة، داحرًا المليشيا الغادرة المتمردة، التي أرادت أن تغتصب الوطن، لكنها لم تجد أمامها إلا صخرة صلبة تحطمت عليها أوهامها. لم يكن هذا النصر وليد الصدفة، بل كان بإرادة الله ثم بصمود الأبطال، وإرادة شعب أبيٍّ لم يساوم على أرضه، ولم يخضع لقوى الغدر والخيانة، فكان الله ناصره حين عز الناصر، وكان الشعار هو الصمود مهما اشتدت المحن.
غير أن الحرب، رغم نهايتها الوشيكة، تترك خلفها آثارًا عميقة لا يمكن تجاهلها. *فالمعركة الحقيقية تبدأ بعد الانتصار،* معركة إعادة البناء، معركة وضع السودان على المسار الصحيح، حتى لا تتكرر هذه المآسي مرة أخرى. ومن هنا، تبرز الحاجة إلى قرارات جريئة، تضمن أن يكون السودان القادم أقوى، أكثر وحدة، وأكثر منعة من أي وقت مضى. *وهذه سبعة قرارات أراها ضرورية في هذه المرحلة الحاسمة:*
*1️⃣ تجميد النشاط الحزبي لخمس سنوات*
لقد برهنت هذه الحرب أن الانقسامات الحزبية كانت أحد أكبر معوقات بناء الدولة السودانية. لذا، لا بد من تجميد النشاط الحزبي لمدة خمس سنوات، لنمنح البلاد فرصة للملمة جراحها، وترميم مؤسساتها، وترسيخ الوحدة الوطنية بعيدًا عن الصراعات الحزبية الضيقة.
*2️⃣ منع مزدوجي الجنسية من تولي المناصب السيادية*
لقد رأينا كيف غادر كثير ممن يحملون جنسيات مزدوجة عبر سفارات الدول التي يحملون جنسيتها، تاركين السودان وأهله في مواجهة مصيرهم. المرحلة القادمة يجب أن تُعطى فيها الأولوية لمن لم يعرفوا وطنًا غير السودان، وكانوا مع شعبه في السراء والضراء، دون أن يكون لهم ولاءٌ آخر ينازع ولاءهم للوطن.
*3️⃣ وضع حدود صارمة لتدخل السفراء الأجانب*
السودان ليس ساحة للتدخلات الخارجية، ولن يُسمح لأي سفير أو ممثل أجنبي بأن يتجاوز حدود دوره الدبلوماسي. يجب وضع قوانين صارمة تمنع أي تدخل خارجي في الشؤون الداخلية، فكما تحترم الدول سيادتها، نحن كذلك نطالب بالمعاملة بالمثل.
*4️⃣ محاكمة عادلة لكل من خان الوطن*
النصر لا يكتمل إلا بالعدالة. لا بد من تقديم كل من خان السودان، وساعد المتمردين، ووقف في صف العدو، إلى محاكم عادلة تنظر في جرائمهم، وتصدر أحكامها بناءً على الأدلة والبينات، دون ظلم أو انتقام، لكن أيضًا دون إفلات من العقاب.
*5️⃣ استيعاب القوات الخاصة والمستنفرين في الجيش*
أبطال الجيش والقوات الخاصة والمستنفرون الذين قاتلوا بشجاعة لا مثيل لها يجب أن يكونوا العمود الفقري للقوات المسلحة في المستقبل. هؤلاء الرجال الذين خبروا ساحات القتال، وأثبتوا ولاءهم للوطن، هم الدرع الحامي للسودان، وينبغي استيعابهم في الجيش الوطني ليكون أكثر قوة واستعدادًا لأي تحديات قادمة.
*6️⃣ تشكيل حكومة مهنية مستقلة عن المحاصصات السياسية*
لقد عانى السودان طويلًا من المحاصصات السياسية التي كانت على حساب الكفاءة والإنجاز. السودان الجديد بحاجة إلى حكومة من شخصيات وطنية ذات كفاءة مشهودة، بعيدًا عن الحسابات الحزبية الضيقة. يجب أن يُحاسب كل وزير على أدائه، وأن يقدم برنامجًا واضحًا خلال ثلاثة أشهر، يتم تقييمه بناءً على الإنجازات لا الوعود.
*7️⃣ إعلان العفو العام وتجريم الفتن القبلية والمناطقية*
لضمان الاستقرار الدائم، لا بد من إصدار قوانين تجرم إثارة الفتن القبلية والمناطقية، لأن وحدة السودان لا تحتمل المزيد من الانقسامات. يجب أن تُطوى صفحة الصراعات القبلية، ويُعلن العفو العام بين أبناء الوطن، حتى يكون المستقبل قائمًا على المصالحة، لا على الأحقاد والضغائن.
*〽️ ختامًا.. معركة البناء بدأت الآن!*
لقد انتصرنا في المعركة العسكرية – إن شاء الله-، لكن المعركة الكبرى تبدأ الآن: معركة بناء السودان الجديد، السودان الذي يستحقه أبناؤه، السودان القوي، المستقل، الموحد. هذه القرارات الحاسمة ضرورة لا مفر منها.
*فهل نمتلك الشجاعة لاتخاذها؟*
الجمعة ٨ شعبان ١٤٤٦ الموافق ٧/ ٢ / ٢٠٢٥ م