بدعوةٍ كريمةٍ من الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، تحرّكت يوم الاثنين الماضي، ضمن وفد رفيع المستوى، على رأسه نائب رئيس الحزب السيد جعفر الصادق محمد عثمان الميرغني، من مدينة بورتسودان برّاً في طريقنا إلى ولاية نهر النيل، في إطار تفقُّد الخطوط الأمامية للجيش، وتجديداً للعهد والتهنئة بالانتصارات التي يُحقِّقها في أرض الميدان، كما تأتي الزيارة في إطار إنزال توجيهات رئيس الحزب السيد محمد عثمان الميرغني بدعم القوات المسلحة في حربها ضد التّمرُّد، الخطوة التي قُوبلت بارتياحٍ كبيرٍ من قِبل قادة الجيش بجميع المناطق العسكرية التي زارها الوفد، أبرزها قاعدة وادي سيدنا العَصِيّة على المُتمرِّدين.
فور وصولنا لحاضرة ولاية نهر النيل مدينة الدامر، ابتدر نائب رئيس الحزب، زيارته إلى أمانة الحكومة للقاء الوالي، كما عقد اجتماعاً مطولاً، وتلقّـى تنويراً من الوالي عن الأوضاع الأمنية والاقتصادية، كما سجّل زيارة إلى سلاح المدفعية عطبرة، والفرقة الثالثة مشاة شندي ومعسكر المعاقيل، وخاطب حشداً جماهيرياً غير مسبوق بإستاد شندي، وختم زيارته بوادي سيدنا بمدينة أم درمان.
السُّودان خطٌ أحمر
أكّـد نائب رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، جعفر الصادق محمد عثمان الميرغني، أنّ السُّودان خطٌ أحمر.
وأضاف قائلا جعفر الصادق مخاطبته لمتحرك المعاقيل للجيش: (جئنا نقول لكم ما براكم.. نحن في الحزب الاتحادي والشعب معاكم).
وجزم: لن نُفرِّط في شبرٍ واحدٍ من تراب الوطن، مُعلناً عن توجيه جميع مؤسسات الحزب لدعم القوات المسلحة.
موقفٌ تاريخيٌّ
وفي ذات السِّياق، وصف نائب رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، جعفر الصادق محمد عثمان الميرغني، الظرف الذي تمر به البلاد بالتاريخي والصَّعب والدقيق في نفس الوقت، مما يستدعي الوضوح والصَّـراحة – وفق تعبيره.
أبناء كربلاء
وقال الميرغني في خطابه أمام جماهير الحزب بإستاد شندي: إنّنا اليوْم نقف في هذا الموْقف، وفي هذه اللحْظة، في ظرْف تاريخي دقيق، لمْ نخْترْه، ولكننا لا نخْشى أنْ نواجهه بما يسْتحقه منْ صبْر وحكْمة وتضحيات، فنحن أحفاد الحسين، وأبناء كربلاء، وورثة حيدر الكرار نحب السلام وتخشانا الحروب.
وأوصى الميرغني، جماهير الحزب بدعم الجيش باعتباره صمام الأمان لحماية البلاد وتأمينها وحراسة وحدتها الوطنية وسيادتها السُّودان، مرجعاً ما حل ببلادنا من فتنة، خطأ تراكمي يجب ألّا يتكرّر، ومن الصدْق أنْ نقول إنّنا ندْرك الأخْطاء التراكمية التي حدثتْ في جسد الدوْلة منْذ انْقلاب الجبْهة المشْؤوم في سنة 1989، والذي أدّى إلى تشوُّهات عميقة في المجْتمع والمؤسسات، وظهرتْ بسببه وبسبب الفكْر الإقْصائي، أخْطاءٌ حاولت النَّيل من أركان الدولة الديمقراطية: الأحزاب القوية، والقبائل العريقة، والخدمة المدنية، وفوقها: المؤسسة العسْكرية أنشأت السياسات الخاطئة مؤسسات مُـوازية، لكل ذلك، فشقت القبائل والأحزاب والطرق الصوفية.
وتابع: لقدْ ظلّ الحزب يرْفض هذه الأخْطاء منْذ قيام التجمُّع الوطني الديمقراطي، ويحذر منْ أخطارها في خطابات اسْتمرّت حتى بعد اتفاق السلام المُنعقد في نيفاشا، وحتى بعْد انْفصال الجنوب، وبعْد التغْيير في 2019، ظللْنا نقول إنّ علينا مقاومة الإقْصاء، ورفْض الازدواجية، وعدم السماح للاتفاقات الثنائية بقيادة البلاد إلى الهاوية، وعدم الاستجابة للتدخلات الأجْنبية والحلول المفْروضة من الخارج، لأنّ فيها تهْلكة.
وشدّد على ضرورة وحدة القوات النظامية تحت مظلة القوات المسلحة، التي لا مدخل لها إلّا الكلية الحربية معهد الرجال والبطولة والإباء والانضباط.
َوحذّر الميرغني من الحلول المسْتعْجلة والمفْروضة، مما ستؤدي إلى هلاك الجميع، وأوضح: قدمنا النصائح ولكن قدر الله نفذ، ولذلك لم نتردّد لحظةً في إعلان دعم الحزْب للدولة، وأبْرز أدواتها القوات المسلحة السُّودانيّة، لأنّ مسار الحل يبدأ وينْتهي بالدولة السُّودانيّة. واستعادة مسيرتها، بقواتها المسلحة، ومؤسساتها الديمقراطية المعروفة.
وأكّـد الميرغني أنّه لا أحدٌ يعارض تحْسين العقْد الاجْتماعي، ولا يقف ضد تطْوير (السُّودان القديم) ليصل إلى سودان يتوافق مع السُّودان الجديد، ولكنْ يجب ألّا يكون ذلك على حساب تدمير السُّودان القديم، فنحن السُّودان القديم، وأهل السُّودان القديم، نفْخر بدولتنا الفتية، ونحتفل باستقلال وطننا، في العام 1956، نفْخر بذلك لأنّ الاستقلال منْجزٌ اتحاديٌّ صرف، تحقّق بعرق وجهْد الآباء المؤسسين، ورفاقهم الميامين. نفْخر بدولتنا الفتية التي تحقق اسْتقْلالها، ونفْخر برجال الاستقْلال ولا نرى فيها سبة، ولا عاراً بل بداية تحرير لكل القارة الأفريقية وانطلاقاً لمسيرة تعمير الدول العربية، فدولتنا من 1956 أصلها كرمٌ ونجاحٌ، والأخطاء تحدث ولكنا لا نهد بسببها البيت لنبني بيتاً جديداً، فما في هذا الوطن يعنينا، بأخطائه وصوابه وسنذود عنه بكُلِّ قُـوةٍ.
وأكّـد دعمهم للاتّجاهات الوطنية نحو الحوار السياسي، وترتيب الصف الوطني لتحْقيق الحد الأدْنى من الإجْماع الوطني وفق مبادرة مولانا السيد محمد عثمان الميرغني للوفاق الوطني الشامل وسنلتقي بجميع السياسيين السُّودانيين الذين يريدون الوفاق، والذين لا يريدونه للوصول إلى حدٍّ أدنى يحمي ما تبقى من البلاد.
وكما أعلن الوقوف مع رئيس مجْلس السيادة في تبنيه لخيار الحوار بشروط لا تمس كرامة الأمة السُّودانيّة، وتؤسس لاسْتعادة مسار الانْتقال، واستئْناف بناء الدولة، وقال: نحْن مع أي فردٍ أو جماعة تسعى للتحول الديمقراطي وصولاً للانتخابات، وأضاف: ونرحب بمن انضم لما ظللنا نقوله من اليوم الأول لا شرعية دستورية مدنية إلّا بانتخابات برلمانية وانتخابات رئاسية.
في وادي سيدنا
ومن وادي سيدنا، أكّـد نائب رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، جعفر الصادق محمد عثمان الميرغني، جاهزية حزبه من الناحية السياسيّة والدبلوماسية لتعمير السُّـودان من حيث المعاني والمباني، التي دمّـرتها المليشيا المُتمرِّدة عقب انتهاء الحرب.
وجدّد جعفر، موقف الحزب الثابت تجاه دعم الجيش في معركة الكرامة.
وقال جعفر الصادق، إنّ الحرب ليست ضد الجيش، إنما هي ضد الوطن والمواطن في المقام الأول.
وأضاف: نعلم جيداً أنّ القوات المسلحة هذه الحرب ليست باختيارها وهي فُرضت عليها.
وفي ذات السياق، هنّأ الجيش على الانتصارات التي حقّقها خلال الفترة السَّـابقة، حيث قال: رأينا فيها بسالة وشجاعة الجيش، مِمّا يُشير إلى حُسن التدبير والإدارة الصادقة في حماية الوطن والمواطن – وفق تعبيره.
تجديد الدعوة
وفي سياق آخر، جَدّدَ المتحدث الرسمي باسم الحزب الديمقراطي الأصل، عمر خلف الله، الدعوة لكافة القِوى السياسيّة، وتحديداً التي مازالت تلتزم “الحِياد” في الحرب الدائرة رحاها بين الجيش السوداني والمليشيا المُتمرِّدة، بإعادة ضبط ومُراجعة مواقفها الوطنية.
وقال عمر خلف الله، إنّ التحرُّكات التي يقوم بها نائب رئيس الحزب السيد جعفر الصادق محمد عثمان الميرغني وسط جماهير الحزب الآن، ترفع الحساسية عند كثيرٍ من القوى السياسية وتُشكِّل لها هاجساً حقيقياً، لأنّها تتحاشى خطر الانتخابات.
وأشار إلى أنّ الحزب يكعف حالياً على إعادة ترتيب وتنظيم جماهيره وتمليكه كافة المُستجدات والتطوُّرات بموقفه بما يحدث في البلاد الآن.
موقف وطني
وأفصح خلف الله، بأنّ زيارة السيد جعفر الصادق محمد عثمان الميرغني إلى ولاية نهر النيل، تأتي في عدة مُنطلقات، أبرزها تسجيل الحزب لموقف وطني جديد بالوقوف مع الجيش في معركة الكرامة، بجانب استنفار وحث قواعد وتنظيمات الحزب على دعم ومُساندة الجيش في معركته، بعد أن اتّضح جلياً أنّ السودان يتعرّض لأكبر وأخطر مُؤامرة من عدة دول في الإقليم والمنطقة تستهدف موارده فوق الأرض وتحتها، مِمّا يتطلّب مِنّا في الحزب الاتحادي في هذه المرحلة حث جماهيرنا للوقوف خلف الجيش – وفق تعبيره.
تحالفات جديدة
كما أوضح أنّ الزيارة أيضاً تأتي في إطار بناء تحالفات مع تنظميات سياسية جديدة، لتمتين مفهوم الوحدة الوطنية لمُعالجة ما حدث من شروخات جَـرّاء هذا الحرب.
مشيراً إلى أنّ الحرب، المُستهدف بها المواطن في ماله وعرضه ومدخراته، علاوةً على أنها تُحاول تغيير ديمغرافية الطبيعية السكانية للشعب السوداني، وما حدث في مدينة ود مدني وبعض أجزاء من ولايتي سنار والقضارف من انتهاكات خير دليل وشاهد إلى أنّ الحرب تسير في ذات الإطار – وفق قوله