اقتصاد غنائم الحرب.. انتعاش أسواق السلع المنهوبة

الخرطوم _الموجز السوداني

اقتصاد غنائم الحرب.. انتعاش أسواق السلع المنهوبة

لم تتوقف شظايا الحرب الطاحنة في السودان عند عمليات التدمير المنظم للبنية التحية والمصانع بمناطق الصراع، بل أفرزت هذه الحرب نشاطات تجارية جديدة

لم تكن مألوفة لدى السودانيين؛ حيث ظهرت أسواق جديدة للسلع المنهوبة من المتاجر والمنازل

أثناء الاقتتال العسكري في العاصمة الخرطوم ومناطق الصراع، إذ تباع فيها غنائم الحرب من مختلف المسروقات، سواء كانت سلعا غذائية أو أواني منزلية وكهربائية تباع بأسعار بخسة مقارنة بالموجودة في المحلات التجارية.

وامتد الأمر إلى ظهور أسواق لبيع السيارات المسروقة التي تم نهبها من المواطنين والطرقات العامة.

ومنذ بداية الحرب التي اندلعت بين الجيش وقوات الدعم السريع في الـ15 من إبريل الماضي، دخلت هذه النوعية الجديدة من الأسواق إلى العاصمة الخرطوم ومناطق الصراع، خاصة في أم درمان وبحري.
في الأسوق المسروقة في أم درمان

التقت “العربي الجديد” بتجار ومواطنين اختلفت آراؤهم حول هذه الظاهرة، إذ يؤكد أحد التجار أن السلع التي لديه ليست مسروقة، بل اشتراها من بعض المواطنين بالجملة بأسعار مخفضة وجاؤوا بها إلى السوق ليربحوا.

ولكن حسب مواطنين لـ”العربي الجديد”، فإن واقع الحال يقول عكس ذلك، لأن الأسعار لا تتناسب مع تكلفة البضاعة في الأسواق العادية.

وأكد بعض المواطنين لـ”العربي الجديد” أنها بضاعة مسروقة؛ حيث يباع طقم العشاء من الأواني المنزلية بحوالي 5 آلاف جنيه، وسعره في السوق 250 ألف جنيه، كما يباع كل شيء بأرخص الأثمان، ما يدل على أنها بضاعة مسروقة،

حسب المواطن يحيى أحمد الذي قال لـ”العربي الجديد” إن كل هذه البضائع مسروقة.

وأكد أحمد أن بعض التجار لا يعرفون قيمة المعروض، خاصة السلع الكهربائية.

وحسب تجار ومواطنين، في سوق الأجهزة الكهربائية المسروقة تجد الأسعار رخيصة للغاية، فلا يعقل أن تباع شاشة التلفاز بـ5 آلاف جنيه، وهي نفسها تعرض في المحلات التجارية بـ70 ألف جنيه (الدولار= 580 جنيها).

وقال مواطن رفض ذكر اسمه، لـ”العربي الجديد” إن ثلاجات بأثمان بخسة اشتراها تجار وصفهم بضعاف النفوس من السارقين وخزنوها في بيوتهم ثم يبيعونها حاليا بأسعار أقل من السوق.

ويقول تجار إن أغلب السلع الغذائية المعروضة حصل عليها البعض من المتاجر التي نهبت، ولذلك تباع بأرخص الأثمان، خاصة السكر والدقيق والشاي والأرز والعدس والزيوت.

وبلغ سعر جوال السكر زنة 50 كيلو بـ10 آلاف جنيه، وجوال الدقيق والأرز والعدس زنة 25 كيلو في حدود 5 آلاف جنيه، إضافة إلى الزيوت التي تباع بالرطل بـ20 جنيها.

وتفوق الأسعار العادية بكثير السلع المسروقة، حيث يصل جوال السكر إلى 60 ألف جنيه، والدقيق والأرز والعدس إلى 20 ألف جنيه، ورطل الزيت أكثر من 1000جنيه، حسب تجار.

ووصف مواطنون هذه السلع بأنها تخفف كثيرا من أوضاع المواطن المعيشية، رغم إقرارهم

بأنها منهوبة، في ظل انفلات الأمن واستمرار الحرب، إلا أن آخرين يرون أنها حرام طالما تمت سرقتها.

واكتظ السوق الشعبي في “أم درمان” بالمواطنين لشراء الأواني المنزلية والكهربائية.

يقول المواطن النور آدم لـ”العربي الجديد” إن هذا السوق سمى بسوق “دقلو” في إشارة إلى قائد الدعم السريع.

وقال: كل المستلزمات منهوبة ومسروقة من المحال التجارية وتباع بأرخص الأثمان بلا رقيب أو محاسبة نتيجة الانفلات الأمني.

ويرى آدم أن الذين يشترون هذه السلع يعلمون أنها مسروقة،

موضحا أن الناس مضطرة لشراء الطعام والشراب، لكن لماذا يشتري البعض أجهزة منزلية وكهربائية وهم يعلمون أنها مسروقة.

أما في سوق السيارات المسروقة، فيقول أحد المواطنين الذي يسكن بالقرب من سوق قندهار في غرب أم درمان إن السوق أصبح قبلة لشراء السيارات واستبدالها من قبل قوات الدعم السريع التي ظلت تتاجر في السيارات المنهوبة من المواطنين في مدن الخرطوم.

ويضيف أنهم يقومون بنزع لوحات السيارات وبيعها لمنسوبي ذات القوات بشهادة وارد،

حيث يقوم بعضهم بإخراج هذه السيارات من الخرطوم إلى ولايات أخرى بحجة أنه اشتراها بماله الخاص مع أن أنها منهوبة.

ويضيف المواطن السوداني لـ”العربي الجديد” أن أغلب السيارات موديلات جديدة.

ويقول الاقتصادي السوداني أحمد خليل لـ”العربي الجديد” إن أخطر ما أفرزته الحرب هذه الأسواق التي تبيع المسروقات،

وهذا يشكل خطرا على التجارة نفسها، ويشجع على الجشع ومزيد من النهب والسرقة، الأمر الذي يغير من التركيبة الاجتماعية مستقبلا.

ويطالب خليل المجتمع بالتفريق بين الحلال والحرام، في وقت اختلط فيه كل شيء بلا محاسبة أو ضمير

قد يعجبك ايضا
الموجز السوداني
error: Content is protected !!