السودان.. اشتعال أسعار إيجار العقارات
تتراوح أسعار إيجارات العقارات في المدن السودانية، الواقعة خارج الخرطوم بين (300) إلى (600) ألف جنيه؛
ما يعادل ألف دولار في بعض المناطق للفارين من القتال الذي يدور بين الجيش والدعم السريع في العاصمة السودانية.
وأجبر النزاع المسلح بين الجيش والدعم السريع في العاصمة السودانية ومدن الأبيض ونيالا والجنينة والفاشر وزالنجي في إقليم دارفور (1.4) مليون شخص إلى النزوح منذ منتصف نيسان/أبريل الماضي حتى مطلع حزيران/يونيو الجاري.
ومن بين هؤلاء (300) ألف شخص لجؤوا إلى دول الجوار مثل جنوب السودان وتشاد ومصر التي لجأ إليها أكثر من (200) ألف شخص كأكبر بلد يستقبل السودانيين رغم وضع القاهرة قيود جديدة على التأشيرة منذ العاشر من حزيران/يونيو الجاري، وإلغاء الاستثناءات التي كانت تمنح للأطفال والنساء والرجال فوق سن الخمسين.
تتلقى وكالات عاملة في مجال العقارات ومتعاملون تقليديون يعملون وسطاء بين ملاك المنازل والمستأجرين آلاف الطلبات يوميًا للباحثين عن العقارات في ولايات الجزيرة والقضارف وكسلا والشمالية والنيل الأبيض والبحر الأحمر.
ذكرت صفاء التي تقيم في مدينة ودمدني أنها وصلت في الأسبوع الثاني من اندلاع القتال من العاصمة إلى هذه المدينة، وعثرت على شقة سكنية بقيمة (600) ألف جنيه، ولم تجد خيارات سوى الموافقة على هذا العرض.
تقول إن تكلفة الإيجار في الولايات البعيدة نسبيًا عن الحرب تمكنها من الهجرة في أي دولة أخرى مع السكن والإعاشة.
كانت قيمة الإيجارات في حدود (100) ألف جنيه -ما يعادل (200) دولارًا- وفي بعض الولايات خارج العاصمة في حدود (50) ألف جنيه، لكن بعد الحرب ارتفعت إلى (500) ألف شهريًا، وفي بعض الأماكن التي تقدم خدمات إضافية تكلف (700) ألف جنيه.
قال متعامل في العقارات بمدينة القضارف التي تقع على بعد (400) كيلومتر شرق العاصمة السودانية، في حديث لـ”الترا سودان”، إنه يوفر مساكن للإيجار للقادمين سيما من العاصمة السودانية بقيمة (15) ألف جنيه لليوم الواحد لشقة سكنية في أحياء تقع وسط المدينة.
وقال إن السبب يعود لقلة العرض مقابل توسع الطلب نتيجة الحرب التي دفعت عشرات الآلاف للتوجه إلى الولايات.
يضيف هذا المتعامل أن العقارات أصبحت أيضًا محط اهتمام المنظمات المحلية والدولية التي نقلت أعمالها من العاصمة السودانية إلى الولايات لذلك يشهد هذا السوق انتعاشًا كبيرًا.
ورغم هذه الأسعار الفلكية في قيمة إيجار المساكن، لكن الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء غير مستقرة. إضافة إلى ارتفاع تكلفة المعيشة عما كانت عليه قبل الحرب في البلاد عمومًا بسبب توقف المصانع الغذائية والاستهلاكية في العاصمة الخرطوم، وضيق نطاق السيولة النقدية
قال محمد زروق العامل في منظمة دولية، إن الحلول الناجعة مثل إنشاء مخيمات للفارين من الحرب غير متوفرة، لأن أغلبهم يعتقدون أنهم سيعودون إلى منازلهم بعض وقت قصير.
ويرى زروق أن حكومة الأمر الواقع في هذه الأحوال تجري مناقشات مع المنظمات الدولية بشأن إيواء الفارين، لأن المراكز الطوعية غير كافية.
ويرى زروق أن المنظمات تشعر بالقلق من صعوبة تدبير نفقات السكن التي تعادل مئات الدولارات، دون وضع تكلفة المعيشة والعلاج.
بينما تقول إكرام إنها حصلت على سكن في مدينة سودانية بقيمة (400) ألف جنيه، وتستخدمه مؤقتًا إلى حين انفراج الأمور في المعابر الحدودية لأنها لا تود أن تذهب رفقة أطفالها وتظل عالقة في المعبر لأيام طويلة.
تؤكد هذه السيدة في حديث لـ”الترا سودان” أنها تعتمد على تحويلات زوجها من خارج البلاد، وتعاني من مشكلة توقف التطبيقات المصرفية بين الحين والآخر، وعدم توفر السيولة النقدية لأن نقاط البيع في أحايين كثيرة تطلب البيع نقدًا.
ولم تعلق الحكومة على قضية ارتفاع الإيجارات في الولايات منذ تكوين خلية الأزمة في مجلس الوزراء في نيسان/أبريل الماضي لإدارة الوضع في البلاد وتوفير الخدمات، وبحث قضية الأجور التي تدخل شهرها الثاني.
وفي ولاية الجزيرة يدرس الحاكم مقترحًا لإصدار “أمر طوارئ” لتحديد أسعار إيجار الشقق السكنية والمنازل والفنادق بما يتناسب مع الظروف الإنسانية للفارين من النزاع المسلح، بحسب ما ذكر مصدر لـ”الترا سودان”.
يقول كرم عبدالله صادق الخبير في المجال الإنساني والمسؤول السابق في وكالات الأمم المتحدة في حديث لـ”الترا سودان”،
إن ارتفاع إيجار المساكن في الولايات يعود لاحتفاظ بعض الفارين من الحرب في العاصمة السودانية بالموارد المالية التي تمكنهم من ذلك، لكن مع مرور الوقت لا يمكن الاستمرار في تحمل تكاليف باهظة تناهز ألف دولار شهريًا.
وقال إن إيجارات الشقق في بعض الأحياء في مدن ودمدني والقضارف وصلت إلى (40) ألف جنيه في اليوم الواحد.
ويرى عبدالله أن إنشاء مخيمات للفارين من المدن “فكرة غير مقبولة ” من الناحية النفسية للنازح من المدن كالعاصمة والذي كان يقيم في منزل واسع ومشيد بالكامل.
وأردف: “أغلب من اضطروا إلى إيجار المساكن في الولايات بأسعار عالية يقيمون بشكل مؤقت إلى حين المغادرة خارج البلاد ريثما تتحسن الأوضاع في المعابر والمطارات”.
ويتوقع كرم عبدالله الخبير الإنساني لجوء أكثر من خمسة ملايين شخص من السودان إلى دول العالم حال استمرت الحرب، وقال إن هذه الطبقة لديها القدرة على البقاء في دول الجوار أو أي دول أخرى
نقلا عن التر سودان