سلاسل الإمداد في أحياء الخرطوم.. إلى متى الصمود؟
“آخر شحنة دقيق استلمها المخبز يوم الخميس 13 نيسان/أبريل الجاري”، هذا ما يوضحه صاحب مخبز جنوب الخرطوم. قبيل اندلاع الحرب في العاصمة السودانية في 15نيسان/أبريل الجاري بين الجيش والدعم السريع، كانت الأوضاع عادية في قطاع الخدمات الأساسية
يقول الأمين لـ”الترا سودان”، إن شحنة الدقيق نفدت؛ قررت تعليق العمل وتسريح العمال، ولن تصل شحنات جديدة بحسب ما أخبرنا مندوب مطاحن الغلال
ومع حلول عيد الفطر يوم غدٍ الجمعة حسب ما أعلن مجمع الفقه الإسلامي السوداني، فإن هذا العام يأتي العيد في ظل ظروف اشتباكات عسكرية جعلت العديد من المواطنين يحاولون الموازنة ما بين اقتصاد الحرب وفرحة العيد
يحاول السودانيون خاصة في مناطق الاشتباكات العسكرية التكيف مع هذه الحرب تارة بالنسيان والانشغال مع قدوم العيد ونهاية شهر رمضان، وإقامة الإفطارات في الشارع حينما تهدأ أصوات المدافع والانفجارات.
قال علي الذي يقطن حي الصحافة قريبًا من منطقة شهدت اشتباكات عسكرية عنيفة الساعات الماضية: “نحاول التكيف مع الحرب؛ لا يمكننا أن نغادر الخرطوم نحن مضطرون للبقاء هنا، نخشى فقط من انقطاع المواد الغذائية ونشتري الخبز من طوابير تمتد لساعات”.
في بعض الأحياء خاصة جنوب العاصمة السودانية عادت الكهرباء بعد خمسة أيام، ولا تزال غير منتظمة حتى الآن بسبب عدم معالجة العطل بشكل كامل.
تقول راوية التي تقيم في حي جبرة لـ”الترا سودان”: “نشعر بالرعب عندما يحل الليل لأنه وقت تحليق طائرات الحربية. مع قطوعات الكهرباء والظلام قد تشاهد أضواء المقذوفات الصاروخية فتسأل نفسك هل تضحك أم تبكي؟”.
تسأل هذه الفتاة المنخرطة في الاحتجاجات الشعبية ضد الجنرالات منذ عام ونصف، متى ستتوقف الحرب؟ وتضيف لـ”الترا سودان”: “هذا لا يعني أننا سنقايض الاستقرار بالديمقراطية
الدولة هشة في توفير الخدمات الأساسية مثل السودان، فإن استمرار الاشتباكات العسكرية في قلب الخرطوم يعني “شلل الحياة وتوقف الخدمات تمامًا”، وبعد مرور ستة أيام على النزاع المسلح الأخطر من نوعه منذ استقلال هذا البلد، فإن عدم تأثير المجتمع الدولي على طرفي القتال قد يجعلهما لا يكترثان بالوضع الإنساني.
في سوق بالكلاكلة اللفة جنوب العاصمة السودانية، شهدت حركة المواطنين اليوم الخميس نشاطًا إلى حد ما أظهر إقبال البعض على شراء الملبوسات والحلويات بمناسبة العيد.
ورغم عمل الأسواق في فترات الهدنة التي تمتد لساعات، إلا أنها ستكون مضطرة للإغلاق نتيجة توقف توزيع المواد الغذائية والسلع من مخازن الشركات الكبيرة والتي تتركز وسط العاصمة وشمالها وقريبة نسبيًا من مواقع إستراتيجية تشهد اشتباكات عسكرية بين الحين والآخر، وستختبر العاصمة السودانية نفسها اعتبارًا من الساعات القادمة، عما إذا كانت قادرة على توفير الخدمات والغذاء للسكان أم أن النزاع المسلح قد يستمر غير مكترث بالأزمة الإنسانية.
سيحتاج السودانيون إلى ممرات آمنة ليحصلوا على الأدوية والغذاء، ولكن يتساءل محللون: ماذا عن الطاقة ومياه الشرب في بلد يعاني من تدهور البنية التحتية؟
قال عثمان الذي يقطن حي الطائف شرق العاصمة السودانية، إن المواطنين يجب أن يحولوا الوضع المعيشي إلى “اقتصاد الحرب” بعدم العيش كما كانوا قبل الحرب، ويجب العمل على إعداد الخطط البديلة باستمرار والمحاولة وعدم اليأس.
وتحاول قوى الحرية والتغيير “المجلس المركزي” والقوى الموقعة على الاتفاق الإطاري حث المنظمات الدولية والأمم المتحدة لخلق ممرات آمنة أثناء الهدنة وزيادة ساعاتها، لأنها تساعد العالقين ومرضى الطوارئ على اللحاق بالمستشفيات – طبقًا لمصدر تحدث مع “الترا سودان”.
وأضاف: “نأمل في بلورة موقف في هدنة طويلة تمكن من وصول إمدادات الغذاء إلى جميع الأحياء في العاصمة والمدن، وإصلاح الأعطال في قطاع الكهرباء والمياه والصحة”.