محمد عمره ثلاثة أعوام ونصف، يعيش في تلك القرية النائية. والده مغترب، يطلب العلم بإحدى الجامعات،
جده لأبية الشيخ محمود رجل معروف بين سكان القرية بالهدوء والكرم، وهو صاحب واجب، مهتم بالزراعة، ويشرف من الألف إلى الياء على مشروع زراعة كبير ، يتحمل المسؤولية أمام إدارة القرية.
بينما جده لأمه شيخ القرية ومقرئ للقرآن بالمسجد الكبير للقرية.
طويل القامة نحيل البدن يحمل عصا العالم المؤدِّب.
العائلتان تقطنان بالحي الغربي للقرية، على مقربة من الشارع العام الذي يقسم القرية إلى نصفين شمالي وجنوبي .
محمد صغير الأسرتين؛ فكلتاهما فرحتان به، يتنقل بين جديه، ويمثل فاكهة البيت لكليهما .
تراه مرة مع جده صالح جالسًا عن يمينه، بينما جده يدرس الطلاب .
وتارة أخرى مع جده محمود إلى سوق الخضار .
ولصغر سنه وخفة دمه يلقى التحية من الجميع ويحاولون الحديث معه .
كانت أهم الأحداث بتلك الفترة الزمنية غزو العراق للكويت.
وحده محمود كان من أبرز المستمعين لهيئة الإذاعة البريطانية، حيث لا حديث هنا إلا عن الغزو العراقي والاستعدادات الجارية لتحرير الكويت.
في إحدى الأيام بينما يمشي برفقة جده محمود استوقفه رجل سبعيني يستفسر عن احواله وأخبار الإعلام، فيرد جده الأمور معقدة والله يبعدنا عن الحرب .
ثم يلتفت إلى حفيده فيسأله : مارائك يامحمد في الذي يجري ؟
فيرد ببرود :
هنا لندن.
يواصل جده المشي نحو المسجد لأداء صلاة الظهر .
وإمام المسجد جده صالح،
وقفا عند متجر حاج درهوي، أشهر المتاجر بالقرية الذي يتوسط السوق لشراء بعض المستلزمات الضرورية، وهمس في أذن البائع بأن يخفي له الحلوى حتى لايراها حفيده،
سلمه إياها خفية في كفه بينما مد الجد كفه كأنه يسلم !
ذهب الجد برفقة حفيده للمسجد، والحفيد يلهو ويلعب محدث ضوضاء، رغم سكون المسجد لحظة أداء الفريضة.
وبعد إتمام الفريضة جلس بجوار جده صالح بينما جده محمود يرمقة بنظرة
ومحمد يقبل جده ويمسح بكفية على ذقن جده .
تململ جده محمود وأحدث صوتًا، كأنه ينادي آخر.
بينما جده صالح يطلب من حفيده البقاء معه بمركز التحفيظ.
خرج المصلون من المسجد إلا قلة من الشباب.
بينما جده محمود ينادي على حفيده طالبًا منه أن يرافقه إلى المنزل، ظل محمد متمسكًا بالبقاء مع جده صالح
فإذا بجده محمود يدخل يده في جيبه ويخرج حلوى يلوح بها إلى حفيده ثم يعيدها إلى جيبه .
هرول محمد نحو جده محمود تاركًا جده صالح يتلتفت في عجب !!
السابق بوست
القادم بوست