عبد الباسط إدريس.. يكتب.. إنهاء الإنتقالية

بصائر 

عبد الباسط إدريس 

إنهاء الانتقالية

لم يعد أدنى مجال للشك، إن الاتفاق الإطاري المُبرم بين المجلس المركزي للحرية والتغيير والقائدين البرهان وحميدتي، يواجه عزلة داخلية في ظل رفض واسع لثنائية الاتفاق وإنّ قال موقعوه بغير ذلك.

ترفض الاتفاق أكبر 6 كتل رئيسية في البلاد، من بينها قوى التغيير الجذري بقيادة الحزب الشيوعي ومبادرة نداء أهل السودان بقيادة الخليفة الطيب الجد والقيادات الأهلية وشبه العسكرية بالإقاليم، بجانب اصرار لجان المقاومة على تشييع الاتفاق وجميع أطراف قوى التسوية من المدنيين والعسكريين إلى مثواه الأخير.

أما القوى الإقليمية فلم تغادر محطة مخاوفها وسيناريو النموذج السوداني يطرق على أبوابها بقوة.

والأطراف الخارجية التي أبرمت معها “الصفقة” لتتوج بتسوية خادعة لتمرير مشاريعها الاقتصادية والسياسية في البلاد مجابهة هي الأخرى بخسائر مادية فادحة.. ملامح الانهيار الأمني الشامل تلوح في الأفق ورأس المال جبان والرهان على بضع أشخاص كما “الذخيرة المرطبة”، رهانٌ خاسرٌ في كسب أي معركة وجني ثمارها. 

قسّم الاتفاق، قوى الثورة ما بين مؤيد ورافض مثل ما قسم أطرافه إلى قوى ثورة وانتقال، وتراجع موقعوه من مبدأ أنه سيكون متاحاً للجميع – عدا المؤتمر الوطني – واوصدت أحزاب الحرية والتغيير – المركزي – الباب في وجه القوى السياسية والاجتماعية الأخرى. وقال بعض قادتها إن الإطاري لا يمكن إغراقه بقوى غير حقيقية!!

أخطر ما في هذا الاتفاق أنه أحدث عملياً وجود جيشين مستقلين عن بعضهما البعض ومنح شريحة سياسية محدودة الحق في رسم ملامح المرحلة المقبلة وأحدث تحالفاً خفياً لخوض الانتخابات متى ما اطمأن أطراف هذا الحلف للإجراءات التي ستعيدهم إلى السلطة مجدداً، وحدد أشراط وممارسة العمل السياسي المستند على القوة المسلحة لا العمل السياسي في فضاء حر، كما جعل من أمر التحالف مع السفارات شرطاً مهماً للصعود إلى سفينة السلطة!! 

وقد رأينا في الأيام الماضية، اتجاه عدد من الكيانات في بعض الأقاليم لتكوين مجموعات مسلحة، بمثل ما رأينا بعض الأطراف الرافضة للاتفاق تقابل بعض السفراء لاستكشاف الدعم الذي يُمكن أن تُحظى به من دول خارجية. 

وإذا ما سارت الأوضاع على هدى الاتفاق الإطاري، فإن الأمر سينتهي لتكوين حكومة مركزية ضعيفة ومحاصرة بالأزمات السياسية والاقتصادية، مصحوبة بانفجارات اجتماعية ورفض واسع من قِبل الولايات. 

لن تكون الثورة المقبلة سلمية كما يظن البعض ويتمنى، ولكنها ستكون ثورة يأس مسلحة تقضي على ما تبقى من الوطن. 

وما من تدبير أو إجراء يمكن أن يوقف عجلة التدهور وإبطال مفعول الانفجار الوشيك، إلا بتحمل القوات المسلحة لمسؤوليتها الوطنية، بطرح خارطة طريق جديدة تقوم على إنهاء المرحلة الانتقالية وتشكيل المحكمة الدستورية من كفاءات قضائية وطنية مشهود لها بالكفاءة والنزاهة والمهنية، وتشكيل حكومة تصريف أعمال لمدة عام واحد وتكوين لجنة عليا للانتخابات من مستقلين ومتقاعدين عن الخدمة العسكرية من ذوي النزاهة والحياد، تمهيداً لإجراء انتخابات مراقبة دولياً وبإشراف من السلطة القضائية. 

والعسكر للثكنات والبرهان إلى “قندتو” وحميدتي إلى “أم القرى” والأحزاب تتّجه للانتخابات وعرض برامجها للفحص الشعبي، فالشعب وحده هو مَن يصنع التحول الديمقراطي وصنعه لن يخيب.

قد يعجبك ايضا
الموجز السوداني
error: Content is protected !!