مناهضو اتفاق “قحت” مع الجيش يتوقعون تعزيزه لقبضة العسكر
ومع إصرار الجيش على بقاء غالبية الأنشطة الاقتصادية كما هي، إلى جانب “إخماد أسئلة العدالة” بشأن ضحايا الاحتجاجات من على طاولة المحادثات، يتسع نطاق المجموعات المدنية المعارضة لهذا الاتفاق.
ويتخوف مناهضو الاتفاق من أن مشروع الإعلان الدستوري الذي أقرته نقابة المحامين سيعمل على تعزيز قبضة الجيش على السلطة في السودان، ويطالب المناهضون لهذه العملية التي تأتي تحت إشراف الرباعية الدولية (الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات) بـ”الرهان على الشارع”.
وذكر المعز لدين الله محمد وهو أحد شبان الذين ينخرطون في تنسيقيات لجان المقاومة بمدينة الخرطوم، أن الاتفاق يرمي إلى تعزيز سلطة الجيش بواجهة مدنية بلا صلاحيات تذكر، سوى إدارة حكومة هشة لا تستطيع وضع القوات النظامية تحت سيطرتها.
على الطرف الآخر من الجبهة الثورية وكتل سياسية من مناهضو هذا الاتفاق من منطق أنه يكرس للصفقة الثنائية، ويتمسكون بالمصالحة الكلية بين السودانيين. وأسست الشهر الماضي تحالفًا سياسيًا جديدًا تحت مسمى “الحرية والتغيير – الكتلة الديمقراطية”.
ويقول القيادي في قوى الحرية والتغيير “الكتلة الديمقراطية” محي الدين جمعة، إن السودان بحاجة إلى مصالحة شاملة وليس “تسويات ثنائية”، متوقعًا استمرار الأزمات الوطنية حال الإصرار على “الحلول الأحادية”.
وقال جمعة في تصريحات لـ”الترا سودان”، إن “الكتلة الديمقراطية” تتبنى التسوية الشاملة للأزمة السودانية، وهي تناهض الاتفاقات الثنائية التي تسمى بالعملية السياسية.
وأشار محي الدين جمعة إلى أن “الكتلة الديمقراطية” وضعت مقترحات بناء للدستور الحاكم للفترة الانتقالية، وتعاملت بمسؤولية عالية مع عملية علاقة الدين بالدولة دون أن تثير حساسية التيارات الإسلامية الرافضة للعلمانية.
وأكد جمعة أن السودان بلد شاسع مترامي الأطراف لا يحكم بواسطة مجموعة بعينها، وهو يحتاج إلى جميع أبنائه، ولفت إلى أن الوضع الراهن “شديد الخطورة، قائلًا إنه “لا بد من التعامل عبر عقلية المصالحة الشاملة”.
ويتقرب المكون العسكري من إبرام اتفاق مع “الحرية والتغيير مجموعة المجلس المركزي” وأبرز أحزابها “الأمة” و”المؤتمر السوداني” و”التجمع الاتحادي” و”البعث العربي الاشتراكي” إلى جانب قوى مدنية.
من جهته أوضح المتحدث باسم الحرية والتغيير “المجلس المركزي” شهاب الطيب، أن التحالف يدرس الملاحظات التي أبداها العسكريون حول مشروع الإعلان الدستوري.
وقال الطيب لـ”الترا سودان”، إن الكتل المكونة لـ”الحرية والتغيير” تدرس ملاحظات العسكريين وتسلم الردود إلى المكتب التنفيذي لـ”المجلس المركزي”، لصياغة الرد النهائي خلال اليومين القادمين.
وكان المكون العسكري أرفق في ملاحظاته بنودًا تطالب بإشراف العسكريين على البنك المركزي وديوان المراجع العام والمفوضيات، والقوات المسلحة والدعم السريع والشرطة وجهاز المخابرات، وتفكيك التمكين في هذه المؤسسات تحت إشراف العسكريين.
ولم يعلق متحدث الحرية والتغيير في سؤال عن مصير ملاحظات العسكريين في الإشراف على مؤسسات مدنية وعسكرية وأمنية، وقال إن: “الأمر متروك للردود التي ستصيغها الحرية والتغيير بناء على ملاحظات الكتل المكونة”.
وفي الوثيقة الدستورية التي وقعت بين “الحرية والتغيير” والعسكريين في العام 2019، كانت هنالك بنود تسمح بتدخل المدنيين في تفكيك التمكين في البنك المركزي، إلى جانب منح صلاحيات واسعة لمجلس الوزراء بتشكيل المفوضيات.
ويقول معارضو الاتفاق المرتقب بين “الجيش” و”الحرية والتغيير”، إن الاتفاق يكرس لسلطة عسكرية جديدة بمقدمة مدنية لخداع المجتمع الدولي، أو تواطؤ الأخير تحت مبررات ضمان الاستقرار عوضًا عن الديمقراطية والحكم المدني.
ويرى عضو المكتب المؤقت لميثاق تأسيس سلطة الشعب وعضو تنسيقيات جنوب الخرطوم المعز لدين الله محمد، في حديث لـ”الترا سودان”، أن الاتفاق “لا يعني لجان المقاومة في شيء” والشارع مستمر في مناهضة الانقلاب العسكري.