الخرطوم_الموجز السوداني
كشف موردون في قطاعات مختلفة، عن ثلاثة أسباب رئيسة لتراجع حركة الاستيراد بالبلاد وفقاً لتقرير نشرته صحيفة “السوداني” السبت.
وشملت الأسباب، ضعف حركتي البيع والشراء بالأسواق، وحدوث الركود التضخمي للاقتصاد بالبلاد، إلى جانب كثرة الرسوم والجبايات على القطاع، موضحين أن حالة عدم الاستقرار السياسي انعكست سلبًا وأدخلت البلاد في أزمة خانقة، وفي مقابل رؤية اقتصادية ، شددت على أن الاستيراد ” أمر ضروري لحياة الناس” ، وأن الحافز الأساسي للإنسان للعمل هو “رغبة” الاستهلاك، وأن الرغبات حافز للاستيراد والاستهلاك، وأظهرت أرقام البنك المركزي انخفاض إجمالي واردات البلاد بنحو ٦٠٠ مليون دولار
واقع الاستيراد
ويعرف الاستيراد، أنه جلب السلع وَالخدمات من بلد أجنبي، من أجل بيعها والاستفادة منها، وتعدّ عكس التصدير، ويعدّ الاستيراد والتصدير هما المعاملات المالية الخاصة بالتجارة الدولية
وأظهرت إحصائيات بنك السودان المركزي، أن إجمالي صادرات البلاد خلال الثلاثة أعوام من ٢٠١٩م حتى ٢٠٢١م، لم يبلغ ١٠ مليارات دولار، وبلغ حجم الاستيراد في ٢٠١٩م نحو ٩.٢ مليارات دولار، في ٢٠٢٠م ٩.٨ مليارات دولار، أما ٢٠٢١م بلغ إجمالي الواردات٩.٢ مليارات دولار، وحدث انخفاض قليل في حدود ٦٠٠مليون دولار
تراجع ومعاناة
وقال المورد قاسم الصديق ، لـ(السوداني) إن ضعف القوه الشرائية وحالة الركود الاقتصادي، وتأخير الحكومة في صرف مستحقات الموردين هي الأسباب الحقيقية لضعف حركة الاستيراد بالبلاد، وأضاف: العديد من المستوردين أحجموا لفترات عن الاستيراد، وتحت وطأة الركود الاقتصادي يلجأ المستوردون وكبار التجار إلى “البيع الآجل ” ثم تبدأ مسيرتهم في المعاناة من عدم تحصيل الشيكات المستحقة لأشهر، وأن ذلك يسبب تأخرهم في القيام بعملية أخرى في عملية الاستيراد، موضحًا أنه نسبة “لسهولة وسرعة” الحصول على تمويل من الأسواق عن طريق” آلية الكسر” وبيع السلع بأقل من تكلفة استيرادها، أدى ذلك في أحيان كثيرة إلى خفض قيمة السلع المتداول للأسواق، بما يسبب خسائر فادحة للبائعين أو ركود تام للراغبين في عدم مجاراة أسعار السوق غير المجزية لهم، وذكر أن ارتفاع الأسعار نتج عنه، تراجع القوى الشرائية للمواطنين ، وصار المستهلك يشتري ” للضرورة الملحة”، لأن المواطن يعد ” رأس الحربة” في العملية التجارية، حاليًا لايستطيع الإيفاء بكل متطلباته، لافتًا إلى أن قطاع الاستيراد يواجه تحصيل جبايات عدة، واعتبر قاسم أن مشكلات الحرائق، التهديد بإغلاق الميناء والمناولة، وتذبذب الدولار، ورسوم النقل ليست أسبابًا لتراجع الاستيراد.
ضعف الأسواق
ويرى المورد صديق فضل المولى، أن الأسباب المهمة التي أدت لتراجع حركة الاستيراد بالبلاد، ضعف حركة التجارة داخل الأسواق وخارجها، إلى جانب ارتفاع الجمارك بتعديل الدولار الجمركي والجبايات وتعددها، وارتفاع تكلفة النقل الخارجي والداخلي وارتفاع أسعار العملات الأجنبية، وقال لـ (السوداني)إن اهتمام المواطن بالأكل والشرب وعدم الاهتمام بقطاعات أخرى مثل الملبوسات والأحذية والأنسجة، واعتبارها من الكماليات، مشيرًا إلى أن قطاع الموردين يعاني من ارتفاع تكاليف العمل والإيجارات داخل الأسواق بسبب التضخم.
غلاء وأزمة خانقة
واعتبر المورد بكري إلياس، أن السبب السياسي وحالة عدم الاستقرار، أدخلت البلاد في أزمة اقتصادية ” خانقة” لخروج العديد من رؤوس الأموال خارج السودان، وأن غلاء الأسعار وكثرة الرسوم الحكومية وارتفاع مبالغها، تسببت في ارتفاع الأسعار وضعف القوة الشرائية بالأسواق، وتراجع الطلب على الشراء والبيع، وقال لـ(السوداني) إن المواطن لا يستطيع الشراء، لأن الأرقام “عالية جدًا” وصارت معدلات التضخم بالبلاد مرتفعة، مبينًا أن هذه الأوضاع نتج عنها ركود بسبب الغلاء، وحال استمرار هذا الوضع، توقع بكري خروج الكثير من الموردين عن دائرة العمل، وأفاد أن مصروفات العمل الداخلي صارت مرتفعة جدًا، تفوق الأرباح وتعرض رؤوس الأموال للتآكل.
إزالة الموانع
رؤية وزير مالية حكومة الظل لحزب بناء السودان مجاهد خلف الله جاءت بالدفاع عن قطاع الاستيراد بالبلاد، وأنه يوجد انطباع عام ضد الاستيراد ويروج حديث حول ” أن الاستيراد سيئ وكثير ويجب تقليله” .
وقال مجاهد لـ(السوداني) إن الاستيراد أمر “ضروري لحياة الناس” ، لأنه يعني استهلاك أشياء لا نستطيع توفيرها لأنفسنا، ويرى أن حياة الإنسان عملية من الاستهلاك والإنتاج، موضحًا أن الإنسان مجبور على الإنتاج، ولكن الحافز الأساسي للإنسان للعمل هو “رغبة الاستهلاك ” لعدد من الأشياء من الأكل والشرب والملبس، وشراء احتياجات مختلفة، وهنا نجد أن الأصل هو الاستهلاك، بالحافز ورغبة استهلاك أشياء كثيرة، وذكر مثال واقعي لهذه الرغبة نجد أن (المزارع الذي ينتج القمح، عندما يريد أكل اللحوم يبيع القمح ويشتري لحومًا) ، بما يعني أنه صدر قمح واستورد لحومًا لنفسه.
وأكد مجاهد، أن الاستيراد بسببه يحدث إنتاج، وأن الحكومة لا تستطيع تنشيط الاستيراد، لأنه نشط بما يكفي” مشبع” برغبات واستهلاك المواطنين، وأن الرغبات حافز للاستيراد والاستهلاك، وأضاف: واجب الحكومة إزالة الموانع عن الاستيراد، وزيادة الاستيراد تتطلب زيادة الصادرات، ومن خلال هذه المعادلة، نجد أن الحكومة تشدد على الصادرات، وهي تعد ” الحبل” الذي يمنع الاستيراد.
واعتبر مجاهد ،أن الفرصة أكبر للسوق الحر لتشغيل التجارة، بجعل المواطنين يقومون بتصدير أي شيء وإعطائهم مجالًا لبيع بضائعهم، ومن ثم نجدهم تلقائيًا يستوردون احتياجاتهم ، وهذا النشاط يبرز في إتاحة عمل الصادر والوارد، مما يسهم في تشغيل ملايين المواطنين وخلق وظائف لهم، إلى جانب تحريك القطاعات الأخرى، بما ينعكس إيجابًا على حركة الاقتصاد والناتج المحلي الإجمالي.
وأشار مجاهد إلى أن تحسن الصادرات يتبعه الاستيراد، كما أن زيادة الاستيراد أمر ضروري ،يساعد على تحسين أوضاع المواطنين ومعاشهم
تنبيه اقتصادي
وأشار الأكاديمي د. محمد الناير ، إلى ان إجمالي الواردات للبلاد ،شهدت في العام ٢٠٢١م انخفاضًا قليلًا بنحو ٦٠٠ مليون دولار، مقارنة بالعام ٢٠٢٠م. وقال لـ(السوداني) إن الفرق قليل ولكن في المقابل حدثت هنالك زيادة في الصادرات بنحو مليار دولار، وأضاف: التعديلات التي طرأت في الدولار الجمركي بالتأكيد، أثرت على قطاع الاستيراد، وأدت لإحجام كثير من المستوردين عن العمل، وذلك ينعكس سلبًا على توفير احتياجات البلاد، داعيًا الدولة بإعادة النظر في السياسات الضريبية والجمركية، واتخاذ إجراءات تساعد على زيادة معدل النشاط الاقتصادي وانخفاض التضخم، بما يسهم في حماية الشرائح الضعيفة ومحدودي الدخل.