الخرطوم ـ الموجز السوداني
كشفت شبكة CNN، في تحقيق استقصائي، أدلة تشير إلى أن روسيا تواطأت مع القيادة العسكرية السودانية لتهريب ما تساوي قيمته مليارات الدولارات من الذهب وحرمان الدولة المنكوبة بالفقر من عائداتها.
ترسم مقابلات متعددة مع مسؤولين سودانيين وأمريكيين رفيعي المستوى ومجموعة من الوثائق التي راجعتها CNN صورة لمخطط روسي مفصّل لنهب ثروات السودان في محاولة لتحصين روسيا ضد العقوبات الغربية المتزايدة ودعم جهود موسكو الحربية في أوكرانيا.
لآلاف السنين، أنتج السودان بعضًا من أكثر الذهب رواجًا في العالم. وجيش بوتين الخاص، المجموعة شبه العسكرية سيئة السمعة المعروفة باسم “فاغنر” تعرف ذلك.
تنكر الحكومة السودانية وجود “فاغنر” في البلاد، لكن طاقم CNN ذهب للتحقيق في ذلك.
تمتد أذرع “فاغنر” عبر إفريقيا، واكتشف طاقم شبكتنا أن بعض عملائها سيئ السمعة يعملون في السودان. يترأس يفغيني بريغوجين “فاغنر”. ميخائيل بوتبكين يترأس أعمال بريغوجين والعمليات في السودان، أما أليكساندر سيرجيفيتش كوزنتسوف فهو المنفذ الرئيسي لـ”فاغنر”، الذي أدين سابقًا بالاختطاف والسرقة، وهو يعمل مع اللواء السوداني محمد حمدان دقلو، الملقب بـ “حميدتي”، مقابل التدريب والأسلحة.
سافر الفريق 200 ميل شمالًا من العاصمة الخرطوم إلى بلد الذهب، لإلقاء نظرة فاحصة على صانع المال الرئيسي لشركة “فاغنر”، عمال مناجم الذهب. يجلب عمال مناجم الذهب الصخور التي يستخرجونها لمعالجتها. يتم إنتاج 85 ٪ من الذهب في السودان حِرَفيًا.
يتم أخذ ما في وسعهم من الذهب من الصخور، ويتم بيع ما يتبقى منها، وعندما يتم معالجتها بشكل صحيح من قبل شخص لديه تقنية فائقة، يمكن جني 10 أضعاف ما يربحه عمال المناجم.
10 أضعاف بدون أي من العمل القاسى. ومصنع المعالجة الأجنبي الوحيد الذي يعمل في السودان هو “ميروي غولد” التابع لـ “فاغنر”، رغم وجود قانون سوداني يقصر الملكية على السكان المحليين.
المثير للقلق أيضًا هو فرض عقوبات على “ميروي غولد” منذ عامين من قبل الولايات المتحدة لاستغلالها الموارد الطبيعية في السودان ونشر نفوذها الخبيث
في جميع أنحاء العالم.
وبحسب الحكومة السودانية، فقد أوقفوا عملياتهم رسميًا لكنهم ما زالوا هنا، وما زالوا يتهربون من العقوبات.
لقد تحقق طاقم شبكتنا من موقعهم من خلال الإحداثيات التي قدمها محققو مكافحة الفساد السودانيون، وتوجه إلى هناك للتحقق. مع اقترابهم من الموقع، كان هناك علم أحمر للاتحاد السوفيتي السابق يرفرف في مهب الريح. العلم الذي يستخدمه القوميون الروس بشكل متزايد يشير بوقاحة إلى مجمع “ميروي غولد”، مع وجود ناقلة روسية بجانبه.
عند طرح مراسلة CNN بعض الأسئلة على أحد العاملين هناك، أكد في البداية أن هذه شركة روسية، قبل أن يزعم الموظفون أن المصنع مملوك لشركة سودانية تُدعى “الصولج”.
بعدها ابتعد طاقم الشبكة وحاول التقاط مزيد من اللقطات في أرض عامة، قبل أن يتبعهم الحراس محاولين إيقافهم ودفعهم إلى المضي قدمًا. سبب توترهم الشديد هو أن “الصولج” واجهة للشركة الروسية “ميروي غولد”. لا تزال “فاغنر” تعمل بشكل غير قانوني، شركة أجنبية تتظاهر بأنها سودانية للتهرب من العقوبات الأمريكية.
تحصل الطاقم على وثائق التسجيل الخاصة بهم لإثبات ذلك. تظهر مستندات “ميروي غولد” ومستندات “الصولج” تطابقًا في تواريخ الشكاوى المقدمة في محاكم العمل ضد الشركة الأولى. و بموجب القانون السوداني عندما يتم نقل ممتلكات الشركة فإن أي أحكام ضدها تنقل أيضًا. ولهذا، تظهر المستندات أن الأحكام الصادرة ضد الشركتين متطابقة.
كل ما فعلوه هو تغيير الاسم. تختبئ “فاغنر” على مرأى من الجميع لتجنب العقوبات والحفاظ على تدفق المال إلى موسكو وحربها على أوكرانيا.
أحد المصادر قال إن: “ميروي غولد” هي واجهة للروس خاصة لقوى “فاغنر” التي تعمل على استغلال الذهب من السودان وتصديره. إنها الواجهة وليست شركة. تستخرج الذهب من المخلفات وتشتري الذهب من عمال المناجم السودانيين الحرفيين. هذا غير شرعي لأن القانون ينص على أنه من المفترض أن يقوم أي منتج للذهب بالإبلاغ عن الكمية التي ينتجها للبنك المركزي ووزارة التعدين، وهذا لا يحدث.
داخل بنك السودان المركزي التقط مُبلغ صورة لشاشة كمبيوتر تظهر أن الإنتاج
الرسمي في عام 2021 كان 49.7 طن، 32.7 طن منها ليست موثقة من قبل البنك المركزي.
لكن الإنتاج الحقيقي الذي أخبرنا به المُبلغون قد يكون أكثر من 220 طنًا، أو ما يعادل 13.4 مليار دولار من الذهب سنويًا يتم سرقته من السودان. فكيف حدث هذا؟
نجح الشعب السوداني قبل عامين في الإطاحة بعمر البشير، ثاني أطول ديكتاتور حكما في إفريقيا. بعد 18 شهرًا نظم الجيش انقلابه الخاص وهمش الحركة المدنية، وفعل ذلك كما قيل لنا بدعم “فاغنر” مقابل الذهب.
تواصلت CNN مع وزارتي الخارجية والدفاع الروسيتين بجانب المنظمة الأم لمجموعة الشركات المدارة من قبل بريغوجين للحصول على تعليق دون رد. كما تواصلت CNN مع مكاتب الحكام العسكريين السودانيين والجنرال عبدالفتاح البرهان والجنرال دقلو، ولم تتلق ردًا على طلب التعليق أيضًا.