الخرطوم-الموجز السوداني
فرض شح السيولة في البلاد عقب عطلة عيد الفطر واقعاً جديداً على التجار، حيث طاول الركود الحركة الشرائية وسط توقعات بتراجع القوة الشرائية إلى نهاية شهر مايو لحالي. إلا أن الصورة أكثر تعقيداً، إذ إن العديد من المواطنين يعزفون عن الشراء من المحال التجارية، وسط انتشار ظاهرة تجارة الشنطة في الأحياء، والتي تتميز بالأسعار المنخفضة وإمكانية الدفع بالتقسيط، ما زاد الإغراءات أمام المواطنين الذين يعانون من أزمات معيشية قاسية
وقال التاجر مجذوب عبد الرحمن، إن التجار يشكون من تراجع القوة الشرائية وقلة الطلب الذي انعدم تماماً بعد عيد الفطر، ما دفع عدداً من التجار إلى إغلاق محالهم لتقليص خسائرهم التشغيلية، خاصة فواتير الكهرباء والمياه وشرح المواطن محمد زين الطيب أن مداخيل الناس لا تكفي لأسبوع واحد بسبب تضخم الأسعار، وتزداد المعاناة أكثر بالنسبة إلى العاملين في الجهاز الحكومي الذين يتقاضون رواتب شهرية زهيدة، وأكد رواج التجار الجائلين بين الأحياء بكثافة، وذلك هرباً من اكلاف الإيجار وفواتير الخدمات والرسوم والضرائب التجارية
ولفتت المواطنة ست النفر بابكر إلى أنها تفضل الشراء من التجار الجائلين بدلاً من الذهاب إلى المحال، وقالت إن بيع السلع والمستلزمات المنزلية في الأحياء خفف كثيراً من كلفة النقل إلى السوق، إضافة إلى أن الأسعار أقل، ويمكن الدفع بالتقسيط المريح. ولكن بعض الخبراء حذروا من الاعتماد على تجار الشنطة في الأحياء الذين يمكن أن يسوّقوا مواد وسلعاً مغشوشة أو منتهية الصلاحية للمواطنين
وأكد الاقتصادي محمد بشير، في حديث لـ”العربي الجديد”، أنه ربما يقع المواطن ضحية عدد من التجار في شراء سلع منتهية الصلاحية، إلا أنه رأى في المقابل أن الأزمة الاقتصادية والظروف الصعبة التي يعيشها المواطن جعلته يتجه إلى هذا النوع من التجار.
وتعيش الأسر السودانية أوضاعاً معيشية صعبة، في ظل تراجع مستوى الدخل وانخفاض قيمة الجنيه السوداني عقب تحرير سعر الصرف. وتعتمد الدولة على الاستيراد بنسبة كبيرة في وقت ارتفعت فيه أسعار السلع كثيراً مع ثبات التضخم عند مستويات مرتفعة منذ العام الماضي.
وسبق أن نفذت الحكومة السودانية “روشتة” صندوق النقد الدولي وعملت على رفع الدعم عن السلع والوقود، الأمر الذي رفع الأسعار أضعافاً. وأشار آخر إحصاء أعلنت عنه الحكومة إلى أن نسبة الفقر في السودان وصلت إلى 46.5 في المائة، إلا أن خبراء ومختصين يرون أن النسبة تزيد عن 80 في المائة
كما ارتفعت نسبة البطالة إلى 19 في المائة، وفقاً لآخر إحصائية نشرتها وزارة العمل السودانية قبل سنوات، ولكن العديد من الخبراء أكدوا أن النسبة تجاوزت 30 في المائة. ومنذ قررت الحكومة السودانية رفع الدعم بدأ القلق يساور المواطنين بسبب عدم وجود رؤية حكومية لمعالجة الأوضاع الاقتصادية الهشة، مع استمرار ارتفاع أسعار السلع الضرورية. وأطلق المجلس القومي لحماية المستهلك نداء للجهات الرسمية دعاها إلى التنسيق لوضع حلول عاجلة وآنية تضبط الأسواق وتحسن معيشة الناس.